صادق، أمس، البرلمان بغرفتيه المجتمع بالأغلبية الساحقة على القانون المتضمن تعديل الدستور الذي بادر به رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في جلسة علنية ترأسها رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح وغاب عنها أعضاء المجموعتين البرلمانيتين لكل من الجزائر الخضراء وجبهة القوى الاشتراكية إضافة إلى جبهة العدالة والتنمية. كانت البلاد، أمس، على موعد مع حدث هام، شغل الطبقة السياسية طيلة 4 سنوات، وكان محل نقاشات وتحليلات منذ أن تم الإعلان عنه من طرف الرئيس بوتفليقة.. الزمان الأحد 7 فيفري 2016 والمكان قصر الأمم بنادي الصنوبر .. أما الحدث مشروع تعديل الدستور المعروض أمام البرلمان للمصادقة عليه، الكل كان ينتظر ساعة الحسم ولأن الرئيس بوتفليقة وفى بكل التزاماته من خلال ما تضمنته وثيقة الدستور حسب تدخلات مختلف رؤساء الكتل البرلمانية فإن التصويت بنعم كان بالأغلبية الساحقة، بعد أن صوت بنعم 499 نائبا، فيما صوت بلا عضوان بالبرلمان وامتنع 16آخرون عن التصويت حسب ما أكده رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح بعد عملية التصويت التي جرت برفع الأيدي. وسجلت جلسة التصويت حضور 512 نائب,و 5 توكيلات, ليكون مجموع الحاضرين 517 نائب والنصاب المطلوب بموجب ذلك للتصويت 388 صوت. وما ميز الجلسة التي غاب عنها نواب 3 أطياف سياسية من أحزاب المعارضة حضور الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون أشغال الدورة، حيث مجرد دخولها قاعة الجلسات بقصر الأمم حتى كانت في مواجهة وابل من أسئلة الصحفيين خاصة فيما يتعلق بموقفها من مشروع الدستور وقضية خلافها مع المنشقين عنها. وافتتحت الجلسة من طرف التي شهدت حضورا إعلاميا مكثفا، رئيس مجلس الأمة في حدود الساعة العاشرة صباحا الذي قدم عرضا يتعلق بجدول أعمال الدورة وذلك وفقا لأحكام المادة 176 من الدستور وبناء على المرسوم الرئاسي المؤرخ في 30 جانفي 2016 المتضمن استدعاء البرلمان بغرفتيه للانعقاد وطبقا لأحكام المادتين 96-49 من القانون المنظم لعمل البرلمان، ليتم إحالة الكلمة لمقررة اللجنة البرلمانية المشتركة غنية أدالية التي عرضت مشروع النظام الداخلي لسير البرلمان بغرفتيه المجتمعتين معا للتصويت، حيث تمت المصادقة عليه بالأغلبية الساحقة فيما امتنعت كتلة حزب العمال عن التصويت عليه. وبعدها مباشرة قدم الوزير الأول عبد المالك سلال عرضا حول مشروع تعديل الدستور أمام أعضاء البرلمان المجتمعين معا، الذي أكد أن وثيقة الدستور جاءت وفاء للالتزام الذي تعهد به رئيس الجمهورية إلى الشعب للذهاب إلى إصلاحات تستجيب لمتطلباته وما يتماشى والتحولات التي يشهدها العالم، مؤكدا أن الرئيس بوتفليقة وحرصا منه ليمنح لمشروع تعديل الدستور طابعا توافقيا قد اختار مقاربة شاملة من خلال استشارة لا تقصي أحدا، كما تطرق سلال إلى مجمل الأحكام التي جاء بها مشروع تعديل الدستور. وعقب ذلك تم رفع الجلسة لمدة نصف ساعة لمنح اللجنة المشتركة إعداد تقريرها النهائي قبل أن يتم استئنافها وتلاوة ما تضمنه تقرير اللجنة البرلمانية المشتركة حول مشروع القانون المتضمن التعديل الدستور، حيث ثمنت كل ما قام به رئيس الجمهورية داعية أعضاء البرلمان بغرفتيه إلى التصويت على مشروع القانون المتضمن التعديل الدستوري من اجل جزائر قوية رائدة وآمنة، ليصادق 499 عضوا بالبرلمان بغرفتيه على مشروع قانون تعديل الدستور كاملا متخطيا بذلك النصاب بفارق كبير ليتم اختتام الدورة البرلمانية برسالة رئيس الجمهورية الذي أن هذا التعديل هو ثمرة مسعى شامل ومفتوح باستمرار على مختلف الفاعلين السياسيين و الاجتماعيين على اختلاف اتجاهاتهم الإيديولوجية، لكونه قد ارتكز على مشاورات موسعة قدر الإمكان كان قد تابع مجرياتها شخصيا بعناية فائقة. بوتفليقة يحيي روح المسؤولية لدى النواب البرلمان حيا رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة روح المسؤولية العالية والوطنية والتبصر التي أبداها أعضاء البرلمان المنتمون إلى مختلف التيارات السياسية والإيديولوجية خلال المصادقة على التعديل الدستوري. وفي رسالة له قرأها، أمس، رئيس البرلمان عبد القادر بن صالح عقب المصادقة على القانون المتضمن تعديل الدستور توجه رئيس الجمهورية إلى أعضاء البرلمان بغرفتيه قائلا : "يطيب لي في هذا اليوم التاريخي أن أحي روح المسؤولية العالية والوطنية والتبصر التي برهن عليها بكل عزم أعضاء البرلمان من كل الاتجاهات السياسية والتيارات الإيديولوجية المختلفة". وتابع الرئيس بوتفليقة، مؤكدا أنه وبمصادقة أعضاء نواب المجلس الشعبي الوطني وأعضاء الأمة بأغلبية واسعة على هذا النص, يكون هؤلاء قد عبروا بصفتهم ممثلي الأمة, عن مساندتهم للتصورات الديمقراطية التي يطمح هذا النص الجديد إلى تحقيقها, مضيفا بأنه »إذا كانت هناك معاينة تفرض نفسها, فهي بالتأكيد الدليل على حيوية ديمقراطيتنا الفتية والحركية المتواصلة التي تبعث النشاط والحياة". واعتبر رئيس الجمهورية اختيار عدد من البرلمانيين التصويت ضد المشروع وتفضيل البعض الآخر الامتناع, موقفا يكشف عن برلمان يعمل بإيقاع ديمقراطية تعددية، برلمان تم اختياره بحرية من قبل الشعب للتعبير عن إرادته, يعكس تنوع تيارات الأفكار والآراء التي تسود مجتمعنا. وخلص الرئيس بوتفليقة إلى القول أنه بهذا الإنجاز، تسجل بلادنا اليوم صفحة جديدة من تاريخها السياسي والدستوري وتفتح بذلك عهدا واعدا لشعبنا، عهد يتميز بتطورات ديمقراطية معتبرة ومتسمة خاصة بمكاسب لا رجعة فيها, غايتها الحفاظ على الثوابت الوطنية والمبادئ المؤسسة لمجتمعنا. استحداث خلية متابعة للسهر على تجسيد أحكام الدستور أعلن، أمس، رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة عن استحداث خلية متابعة تكون مهمتها السهر على التجسيد الشامل والدقيق للأحكام التي يتضمنها الدستور الجديد في الآجال المحددة. أكد الرئيس بوتفليقة في رسالة له قرأها رئيس البرلمان عبد القادر بن صالح عقب المصادقة على القانون المتضمن تعديل الدستور, أنه وبالنظر إلى أهمية الأحكام الجديدة المدرجة في هذا التعديل, لاسيما تلك التي سيتم تنفيذها في مراحل مستقبلية فقد قررت بصفتي حامي الدستور استحداث خلية متابعة لدى رئيس الجمهورية، تكون مهمتها الأساسية السهر بعناية على التجسيد الشامل والدقيق لهذه الأحكام في الآجال المحددة وإبلاغي بذلك بشكل منتظم. وأضاف رئيس الجمهورية قائلا في هذا الصدد "إن الصرح الدستوري الذي التزمنا بتجديده معا تلبية لمتطلبات مجتمعنا والقيم العالمية والذي ناديت به عدة مرات في مناسبات مختلفة يجب أن يكون في مستوى طموحات أمتنا أمة عتيدة مهيبة, وفية لأصولها ومتفتحة على الحداثة". بوتفليقة يعرض أهداف مسار الإصلاحات السياسية عرض الرئيس عبد العزيز أمس مختلف مراحل المسار السياسي الذي شرع فيه سنة 2011 مؤكدا انه يهدف قبل كل شيء إلى تعميق الديمقراطية وتعزيز دولة القانون وترقية الحريات. وقد تطرق رئيس الدولة في خطابه بمناسبة مصادقة البرلمان على القانون المتضمن مراجعة الدستور إلى مبادرته السياسية التي اتخذت في وقت يتميز بحدوث اضطرابات في محيط امني خطير ومشحون بالتهديدات. وأضاف رئيس الجمهورية قائلا »إن هذه الإصلاحات السياسية التي تمت في مناخ رصين وهادئ قد سمحت بإبعاد شبح العنف والفوضى والتهديدات على الاستقرار السياسي الذي عاشته بلدان أخرى بما فيها دول الجوار". وقال رئيس الدولة في ذات الخصوص »إن المعاناة التي خلفها الإرهاب قد أكسبت الشعب الجزائري رؤية واضحة حول المعاناة التي قد تنجم عن وضعيات الفوضى والعنف، مشيدا بجميع أولئك الذين شاركوا في محاربة الإرهاب". و في معرض إسهابه في شرح مسار الإصلاحات أوضح الرئيس بوتفليقة أن هذا الأخير يعد تتويجا لمرحلة سياسية ودستورية للوصول إلى مرحلة تكرس بعمق لدى المجتمع قيم الجمهورية ومبادئ الديمقراطية التي تهدف إلى تحقيق مكاسب ديمقراطية أخرى. ويلخص الرئيس بوتفليقة هذه المكاسب في ثالوث يتم بناؤه -حسبه- بصبر ومثابرة و يتعلق الأمر بالديمقراطية ودولة القانون واحترام حقوق الإنسان وهو الثالوث الذي يتحقق على مدى الزمن و الذي يقوم بشكل أساسي على واقعنا الوطني. وأضاف الرئيس بوتفليقة يقول "أنا من الذين يعتقدون أن كل مجتمع إنساني قادر على الاختراع, قادر على أن يصنع بكل سيادة, وفق إيقاع تاريخه السياسي الخاص وطموحات شعبه، نظاما سياسيا، هو ذاته نتاج ذلك التاريخ ومستوحى من جهة أخرى من القيم والمبادئ العالمية، تلك هي قناعتي، وذلك هو الطموح العميق لشعبنا". كما أشار رئيس الدولة من جانب آخر إلى أهم محاور الوثيقة الدستورية التي تتضمن ترقية والحفاظ على المكونات الأساسية للهوية الوطنية التي تتمثل في الإسلام والعروبة والأمازيغية. ومن أهم الأحكام التي نص عليها نص الدستور هناك أيضا الفصل بين السلطات ودور اكبر للمعارضة البرلمانية و آليات جديدة لمراقبة و إنشاء هيئة عليا مستقلة لمراقبة الانتخابات التي اعتبرها رئيس الدولة تجديدا معتبرا. وفي معرض إشارته إلى الأهمية الكبرى التي يوليها لنجاح مبادرته السياسية أكد رئيس الجمهورية انه سيسهر شخصيا على التجسيد الدقيق والتام للأحكام المتضمنة في الدستور.