أغلب الظن أن عمرو أديب، ومن نحا نحوه من الإعلاميين المصريين، قد نام البارحة نوما هادئا، وقد تلقف كلماته المسمومة )شلة( من الشباب الموتور في القاهرة، لقد تدفق الدم من عروق لاعبين جزائريين، وتعرضوا للضرب والجرح، دونما ذنب اقترفوه، ولا خصومة سابقة وثأر بينهم وبين المعتدين.. إن كل ذنبهم، )إن كان في هذا ذنب(، أن الأقدار جمعتهم في مقابلة كرة قدم فاصلة، مع شباب من بلد شقيق، وكان يفترض أن تكون نتيجة المقابلة، عرسا أيا كان الفائز.. لكن ضيق الأفق، وغياب الرشد، جعل الكلمات تنفلت حاقدة منتنة، تحمل المناسبة أبعد من مدلولها، وتجعل منها ساحة حرب مفتوحة، تدعو إلى جعل الكلمات )لكمات(، وتؤجج ساحة أحقاد وصراع، ليست موجودة إلا في أدمغة مريضة، ونفوس صغيرة، وقلوب حاقدة.. لقد استجاب بعض الموتورين لتلك الكلمات )اللكمات(، وأقدموا على تنفيذ ما كان يدور في خلد المرضى، والفاعلون مذنبون ولا شك، لكن الأيدي التي كانت تمسك تلك الحجارة، لم تكن إلا أداة تنفيذ وتنفيس على بركان أواره وناره، صهر من العنف لفظي امتد إلى أسابيع سابقة، وتطاول مريض مهد لجريمة عشية الخميس، يوم تدفقت الدماء من عروق أؤلئك الشباب من صفوة الرياضيين الجزائريين.. لقد لمست أثر تلك الحملة الشعواء في القاهرة الأسبوع الماضي، كان بعض الشباب المصري، يسألني عن حقيقة عنف الجزائريين، وكره الجزائريين للمصريين، وهم معذورون لأنهم تلقوا ذلك العصف الذهني المركز، وهم لم يعتادوا أن تفتح قنوات الإعلام الثقيل للمرضى، وذوي النفوس الصغيرة، ليمرروا من خلالها اضطراباتهم النفسية إلى الجمهور الواسع.. كنا نجيبهم بكل صدق، أن الشعب الذي تتحدثون عنه، شعب آخر غير الشعب الجزائري، فالشباب الجزائري يحب الكرة، ويناصر فريقه الوطني، لكنه يهوى الكرة النظيفة التي لا كره معها ولا حقد، إذ لم يسجل التاريخ أن اعتدى الجمهور الجزائري على لاعبين أجانب.. إن جروح اللاعبين أحدثت أسى في قلوب كل الجزائريين، لأن الظلم جاء من أولي القربى، وكان يمكنها أن تندمل بسرعة، لكن المريع أن بعض وسائل الإعلام في مصر، نكأت الجراح وهي خضراء، لم تجف قطرات الدماء منها بعد.. جاءت تعليقات المرضى من جديد، لتتهم الوفد الجزائري بتدبير الحادثة، وأن تلك الحجارة انطلقت من داخل الحافلة، وهذه السموم أعمق من كل جرح، وأكبر في وقعها من وقع تلك الفعلة الحقيرة، أن ينعت ذلك الطاقم وفيه رسميون، بالمرض النفسي، ممثلا في تشويه الذات Pathomimie.. إن تلك الكلمات الرخيصة، لا تصدر إلا عن نفس مريضة، يجب أن تنال جزاءها بسبب هذا القذف المشين، فحرية الرأي، يجب أن تبقى الحاء فيها مهملة من التنقيط، وأن لا يتحول فيها حرف الحاء إلى خاء، تصيب الشرفاء بالقاذورات..