عبد القادر حجار سفير الجزائر بمصر كان الرجل المناسب في المكان المناسب، فما حدث في القاهرة قبل مباراة الفريق الوطني بنظيره المصري وبعدها كان يحتاج إلى وجود رجل في صلابة حجار وقوة شخصيته التي صقلها النضال السياسي الطويل في الحزب العتيد، حجار من السياسيين والدبلوماسيين الذين يحسب لهم ألف حساب. ومن المتتبعين والمحللين من ذهب أبعد من خلال التأكيد على أن وجود صاحب المؤامرة العلمية في هذا المنصب جنب الجزائر ما هو أسوء، فقد كان السفير الجزائري منذ البداية حازما مع السلطات المصرية بشأن الترتيبات الخاصة بمقابلة السبت الماضي، وتابع بنفسه كل صغيرة وكبيرة، وكان حريصا على توفير كل الشروط والتدابير الضرورية لتأمين الفريق الوطني وأنصاره خاصة بعدما لاحت بوادر ما يدبره الفراعنة بإيعاز من هواة إثارة الفتن وحمالات الحطب في عدد من القنوات الفضائية والصحف المصرية والذين جعلوا من مجرد مقابلة رياضية واقعة حربية شحذوا لها كل الأسلحة المسموحة والمحظورة منها. فلا أحد ينكر ثقل المسؤولية التي كانت على عاتق ممثل الدبلوماسية الجزائرية في القاهر، والتي تكاد لا تضاهيها إلا المسؤولية التي يتحملها أشبال رابح سعدان في افتكاك تأشيرة التأهل إلى نهائيات كأس العالم بجنوب إفريقيا التي يتطلع إليها ملايين الجزائريين، فقد كان على عاتق حجار مسؤولية التخفيف من حدة التوتر بين أنصار الفريقين الجزائري والمصري وتلطيف الأجواء وإسكات طبول الحرب التي بادر بعض المحرضين بقرعها، وفي الوقت نفسها فقد كان استقبال الفريق الوطني وآلاف الأنصار من الجزائر ومن دول أوروبية وأمريكية لتشجيع «الخضر« وضمان الحماية لهم ليس بالمهمة الهينة، وهو ما جعل حجار محط أنظار واهتمام عديد من الإعلاميين وكان الأكثر حضورا في الفترة الأخيرة في وسائل الإعلام على اختلافها مرئية ومسموعة ومكتوبة، وطنية ومصرية ودولية، مئات التصريحات وعشرات الأحاديث الصحفية أدلى بها السفير الجزائريبالقاهرة، وبعضها تناقلتها أكثر من قناة، هذا الحضور الإعلامي الذي نافس فيه حجار نجوم الفريقين الجزائري والمصري كان بالموازاة مع سلسلة اجتماعات واتصالات مارطونية مع السلطات المصرية والجزائرية من أجل تهيئة الظروف لمقابلة الجزائر ومصر. رغم التطمينات التي تلقاها السفير الجزائري من السلطات المصرية ورغم التحذير الذي وجهته الفيفا لمصر، إلا أن حجار وبحكم تجربته وحنكته السياسية كان حريصا على مرافقة الحافلة التي تقل الفريق الوطني من المطار إلى الفندق بنفسه، وكأنه كان يتوقع ما يضمره دعاة الفتنة الذين حرضوا على الاعتداء السافر والجبان الذي تعرض له الفريق الوطني، فكان شاهدا بنفسه على الإرهاب الذي مارسه شرذمة من المتشردين وقطاع الطرق على أشبال سعدان بتواطؤ من مصالح الأمن. الدبلوماسي الجزائري كانت له القدرة على مواجهة الجميع والتصدي بقوة للحملة الإعلامية المصرية التي حاولت تشويه الحقائق وتحويل الضحية إلى جلاد واتهام الجزائريين بأنهم دبروا الاعتداء، مؤكدا أنه شاهد بأم عينه ما حدث وكيف هاجم ما يزيد عن 200 مشاغب حافلة الفريق الوطني، حجار كان يحارب على أكثر من جبهة، السياسية والإعلامية، فقد كان حضوره قويا ومميزا، وكان حريصا على الاطمئنان بنفسه على مغادرة كل الأنصار الملعب ووصولهم إلى المطار آمنين بشهادة العائدين من القاهرة الذي أكدوا أن السفير الجزائري ظل في المطار إلى غاية الساعة الثانية صباحا للاطمئنان على مغادرة الأنصار الجزائريين، ومثلما وقف أشبال سعدان حجر عثرة أمام الفريق المصري وحطموا غروره وكبرياءه فقد افتك حجار العلامة الكاملة وكان بالفعل اللاعب ال12 في التشكيلة الوطنية.