تتواصل أفراح وأعراس الجزائريين ليل نهار عبر كافة مناطق الوطن، وهم يهتفون بروح وحياة المدرب المحنك رابح سعدان، وكذا بالمسيرة المشرفة للاعبي الخضر الذين أبانوا عن مستوى عالٍ من الوطنية والمسؤولية من أجل تحقيق حلم 35 مليون جزائري للصعود للمونديال بعد غياب دام 24 سنة، وهو ما دفع بخروج مسيرات عفوية تندّد وتشجب ما حدث للاعبين وأنصار الخضرة في القاهرة، أين ذاقوا كل أشكال المكر والخديعة بالرغم من تصريحاتهم »أدخلوا مصر آمنين«. نقل مكان بيع تذاكر الرحلات نحو الخرطوم إلى مركب 5 جويلية ما وقفنا عليه أمس هو عملية نقل مكان بيع تذاكر الرحلات الجوية بين الجزائر والسودان إلى المركب الأولمبي 5 جويلية، بعد الاكتظاظ والازدحام الذي شهدته وكالة العاصمة أمس بسبب الإقبال الكبير للمناصرين على اقتناء التذاكر مما صعب العملية أكثر، وتعكير صفو الأجواء بعد تدخّل قوات مكافحة الشغب لتنظيم سير العملية. ومن طرائف ما لفت انتباهنا أمام مقر وكالة الخطوط الجوية الجزائرية بشارع باستور المحاذي لمقر »صوت الأحرار«، هو رفض العديد من الأنصار مغادرة المكان، بالرغم من توفير الحافلات التي ساهمتا فيها كل من شركة طحكوت، والشركة الوطنية للنقل الحضري، حيث أرجع ذلك بعض الأنصار إلى تخوفهم من أن يغرر بهم ولا يحصلون على التذكرة، حيث يحدث هذا كله رغم تأكيد مسؤول الوكالة لهم بتوفير أكثر من 10 آلاف جواز سفر في المركب الأولمبي محمد بوضياف وتوضع تحت خدمة جميع المناصرين. معاك يا سعدان نجيبوها من السودان ما لاحظناه أثناء تنقلنا عبر جل الشوارع والأزقة في العاصمة وما رصده لنا مراسلينا عبر الوطن، هو خروج أنصار الفريق الوطني جماعات وأفواج في شكل مسيرات تجوب الطرقات بأعداد مهولة تنادي بحياة محاربي الصحراء وبروح المدرب المحنك رابح سعدان حتى النساء والعجائز منهم ناهيك عن الشيوخ كانو بقوة، فهذه أميرة تقول »كيف لنا أن لا نساند فريق الخضرة والشيخ سعدان الذين لم يدخروا جهدا في الدفاع عن الألوان الوطنية بكل روح ومسؤولية بالرغم ما تعرضوا له من تعنيف بالقاهرة«. مسعود من البليدة قال »تأشيرة المونديال ستحسم لصالحنا، وسنذهب للسودان للثأر للجزائريين الذين لقو الويلات بالقاهرة«، ليتدخّل محمد بجانبه »المصريين قالوا نحن أشقاء، فلماذا عذبوا أنصارنا الجزائريين في بلادهم، الأخوة انتهت، وخلوا عندكم محبتكم..«، حيث تأكّد هذه التصريحات هوس المواطن الجزائري بكرة القدم والدفاع القوي عن الراية الوطنية على غرار فريق أشبال سعدان الذين أظهروا مستوى عال من المسؤولية والتمتع بالروح الوطنية. أكبر مسيرة بالعاصمة بين ساحة الشهداء وشارع محمد الخامس بنات في ربيع العمر، أطفال متمدرسين، رجال من الكهول والشيوخ، نساء على اختلافهم من المحجبات إلى المتبرجات كلهم ساهموا في مسيرة الكرامة كما كانوا ينادون، اختلفت الشعارات والهتافات باختلاف من فيها، ولكن توحّد الهدف وهو مناصرة الفريق الوطني دون كلل ولا ملل، وعدم انتظار لا جزاء ولا شكورا، حيث قالت فتيحة »معركة السودان مسألة أمة وليس فريق لرفع الظلم الذي لقيناه بمصر، بالتواطأ مع السلطات المصرية ودون أدنى حماية للجماهير الجزائرية«، أما زوليخة صديقتها فأكدت »هذه المسيرات عفوية وستشهد على المساندة غير محدودة للخضرة، وسنتأهل للمونديال رغما عن الفراعنة«. الكشافة حاضرة بقوة لتنظيم نقل المناصرين للسودان في جولتنا الاستطلاعية عبر شوارع العاصمة لمعاينة احتفالات أنصار الخضر، صادفنا أفراد من الكشافة الإسلامية الجزائرية يقومون بتسجيل أسماء الراغبين في التنقل إلى الخرطوم لمناصرة الفريق الوطني أمام الفريق المصري وبصفة مجانية مع ضرورة فقط تقديم جواز السفر ويضمن المناصر من خلالها رحلة الكرامة والمآزرة للفريق الوطني، ولدى سؤلنا بعض المستجوبين أكد تلقيه توجيهات من طرف القائد العام للكشافة الإسلامية السيد نور الدين بن براهم لتدوين قائمة محدودة من أجل المساهمة في عملية نقل المناصرين مجانيا، بالطبع من تدعيم رجال أعمال مخلصين لوطنهم ولن يبخلوا عليه وقت الشدائد. المناصرون الجزائريون متفائلون بالتأهل إلى المونديال بعض المناصرين الذين انفردت بهم »صوت الأحرار« في مسيرة الكرامة المنظمة بالعاصمة، أكدوا أن الهدف الذي سجله المنتخب المصري جاء في الوقت القاتل ليؤجل نصر الجزائر من بلوغ نهائيات كأس العالم، بالرغم من أنه تحوم حوله عدة شوائب ناهيك عما سبق من حوادث قبل المباراة، كما أنه تسبب في وفاة عدد معتبر من الجزائريين تأثراً بنوبات قلبية عبر الوطن، ليقول سليم »والله لن يذهب كل ذلك سدى وسيتحقق هدف 35 مليون جزائري بالذهاب للمونديال«، أما الحاج النذير بعد اشتاط بكاء أكد لنا »بكيت مرتين بحرقة في حياتي، لفراق ولدي، وللحقرة التي تعرضنا لها في مصر من الأشقاء كما يزعمون، سنبرهن لهم في الملعب المحايد بالسودان، ومكانش أخوة بعد اليوم، السن بالسن ..«. ليتدخّل أمين صايفي الذي قال أنه قريب المتألق صايفي »الله يرحم الذين ماتوا ويأتي اليوم الذي نخلفو فيه، كما أن الأمور ستختلف كثيرا في السودان لأنه بلد محايد، وعنده يكرم المرء أو يهان..« لا تفرحوا يا مصريين الجواب يوم الأربعاء... تحيا الجزائر أرض الشجعان، خونة خونة آل فرعون، حرامي حرامي المصري حرامي، لقد كانت تلك نوبات الغضب والندم لأننا شاركنا في حروبكم العربية ضد إسرائيل بعدما نعيتمونا باليهود، وقابلتمونا بقنابل الهاون من الحجارة في كل مكان أمان كما قلتم وأرتم تشويه الحقائق، ولكن الحمد لله فكل القنوات والفضائيات فضحتكم وصِرتم موضع بهدلة في نظر الشعوب العربية من أجل جلدة منفوخة، هذه بعض التصريحات لشبان وفتيات عادوا من جحيم أم الجرائم القاهرة والتي رصدناها في جولتنا عبر عديد مدن العاصمية. ليضيف عبد اللطيف »نحن بصدد فضحكم بشريط فيديو عن قذارة الاستقبال والتجريح والرشق والضرب بتعاون من الأمن المصري، وستكون صورة حقيقية عن مدى همجيتكم وسيرتكم السيئة ستكون على لسان الأوربيين الذين سيقطعون دعمهم للسياحة في مصر بعد أن يشاهدوا صور عن كيفية استقبال المصريين للزوار«، أما عزيز فقال »لا تفرحوا كثيرا يا مصريين، والجواب يوم الأربعاء«. السودان مقبرة المصريين بالأهداف...والجزائر للمونديال إنشاء الله بهتافات تجاوزت كل المعقول وبشعارات توحّدت فيها النبرات تحت وزن »الدولة يا الدولة واش ديرو بينا، أدونوا للسودان نغلبوا الفراعنة«، وليد بلادي الزوالي ما عندوش، في إشارة إلى عدم قدرتهم دفع قيمة تذكرة الذهاب للسودان، أكد لنا الكثير من الأنصار الجزائريين أنهم سيعملون المستحيل لمآزرت فريقهم الوطني، فهذا عبد الرؤوف »السودان ستشهد على قبر المصريين بالكثير من الأهداف، ونروح للمونديال أحب من أحب وكره من كره«. في كلام فيه كثير من التحسّر بعد عدم جلاء أية خطوة لمحاسبة المصريين على المظاهر الوحشية التي ارتكبت في حق اللاعبين والمناصرين الجزائريين قال لمين »ما حدث بالقاهرة لن ننساه، وما زاد الجرح اتساعا هو عدم محاسبة المصريين على فعلتهم، مشهورين بالخديعة والنفاق، واستغلوا الإعلام للترويج لأفكارهم، هذوا ما شي عباد هذوا وحوش«، واصطف كل المناصرين مجتمعين بروح فريق واحد للترحم على أرواح الذين فقدتهم الجزائر في موقعة القاهرة، بدقيقة صمت كان فيها البكاء سيد الوقف من طرف النساء والأطفال. طلبة سودانيون بالجزائر مهووسون بتشجيعهم للمنتخب الجزائري مما لفت انتباهنا في مسيرات المناصرين الذين جابت الطرقات الرئيسية بالعاصمة، هو وجود طلبة سودانيون في وسط الحشود يهتفون بحياة منتخبنا الوطني، لدرجة أنهم حفظوا الشعارات ظهرا عن قلب، ووصل بهم مستوى الهوس على ضرورة تغلب المنتخب الجزائري على المصري لكي لا تذهب دماء ضحايا موقعة 14 نوفمبر سدى، ليقول لنا البشير من الجنوب السوداني »الشعب السوداني كله مع الجزائر في قمة الحسم يوم الأربعاء ولا بديل لنا عن المساندة القوية لفريق الخضرة بأرض السودان رغم أني لم أذهب قرابة العامين، وهذه الفرصة سأستغلها لزيارة الأقارب وأقف حصنا منيعا مع الأشقاء الجزائريين ضد المصريين المخادعين«. أما عمر فقال »مباراة الأربعاء تكتسي أهمية كبيرة بالنسبة الى السودانيين كونها أهم مباراة تقام في البلاد منذ أكثر من 40 عاما، كما يعتبر هذا الموعد التاريخي أهم باعتباره سيفصل بين منتخبين شقيقين، وسندعم المنتخب الجزائري ونشجعه لأنه الأفضل«، وقال أحمد، وهو أحد المشجعين لنادي المريخ السوداني الذي يتسع ملعبهم ل40 ألف متفرج مسرحا لمباراة الأربعاء بالنسبة لي، أتمنى أن تتأهل الجزائر«. احترنا هذه المرة ولم نعد نفهم هذا الجمهور الجزائري العظيم بتسامحه وتواضعه، بالرغم من كل ما حدث له في ملعب القاهرة قبل وبعد المباراة، ناهيك عن حادثة رشق اللاعبين بالحجارة لتخلّف عدة إصابات، وكذا استفزازهم بالمدرجات كما في كل مكان من مصر، إلا أنهم أظهروا مستوى عال من العروبة والانتماء للإسلام الذي هو دين تسامح وأخوة بين جميع البشرية، فكيف بين الاشقاء، ليقول لنا مؤمن »الذي حدث حدث، المهم نلعبوا بلعب نظيف، والذي يذهب للمونديال عربي في كل الحالات، سواء الجزائر أو مصر والله يسمح لهم على ما فعلوه بنا«.