عندما حاولت مجموعة من الشبان الجزائريين المتأثرين بالاعتداء على حافلة الفريق الوطني الجزائري بإستاد القاهرة، أن يقتربوا من السفارة المصرية في الجزائر، تصدت لهم قوات الأمن الجزائرية بطريقة قوية، ولجأت إلى غلق كل المنافذ المؤدية إليها بما في ذلك الطرق المجاورة للسفارة.. ذلك ما تمليه مسؤولية الدولة الجزائرية، في حماية الممثليات الدبلوماسية المعتمدة في الجزائر، حرصا على سلامة أعضاء السلك الدبلوماسي، وممتلكات السفارات، وتأكيدا على أن الدولة لا تنزل إلى مستوى الأنصار والمشجعين لأي فريق رياضي. إن ما يحدث منذ أيام لسفارة الجزائر في القاهرة، وللسفير عبد القادر حجار، من حصار، وشتم، واعتداء وإهانات علنية عبر الصحف والفضائيات المصرية ، وتسلل »المشاغبين« إلى داخل المبنى الدبلوماسي يدعونا إلى التساءل : أين هي الدولة المصرية التي تملي عليها الاتفاقيات الدولية حماية الدبلوماسيين ؟ ماذا يعني أن تحرك أطراف خفية شباب مصر لمحاصرة سفارة عربية ذنب بلدها الوحيد أن فريقه الوطني انهزم في القاهرة وفاز في الخرطوم؟ أيعقل أن تحظى السفارة الإسرائيلية في القاهرة بالحراسة والحماية، في حين تترك سفارة دولة شقيقة لمن تصفهم السلطة المصرية بالمشاغبين؟ إن ما حدث من شحن للعواطف ومحاولة تحويل مباراة رياضية إلى خصومة سياسية بين البلدين لا يمكنه أن يحقق للسياسيين مكسبا شعبيا لأن العلاقات بين البلدين ليست تاريخية فحسب، بل هي سياسية واليوم أخذت بعدا اقتصاديا، لا يستطيع المستثمرون الإستغناء عنه. مهما كانت الحملة التي بدأتها فضائيات مصر بفتنة تاريخية ثم حولتها إلى شتيمة لرموز الدولة الجزائرية، وها هي تدفع ب »المشاغبين« إلى الإساءة إلى مصر، فإنها لن تستطيع أن تنتزع من الجزائريين تمسكهم بالهوية العربية الإسلامية أو تشكك في المكانة الإقليمية للجزائر.