صعّدت وزارة التربية من لهجتها، بشكل غير مسبوق، تجاه الأساتذة المضربين ومنحتهم مهلة أخيرة حتى السابع من شهر مارس الجاري للالتحاق بمناصبهم، وفي حال استمر هؤلاء على موقفهم بمواصلة الإضراب فإنهم مهدّدون بقرار الفصل النهائي من الوظيف العمومي ابتداء من هذا التاريخ بعد استكمال كافة إجراءات إثبات شغور المناصب، وهو ما يرشح الوضع إلى مزيد من التصعيد في الأيام المقبلة. دعت وزارة التربية الوطنية في بيان لها أمس الأساتذة المصرين على الإضراب إلى الالتحاق بمناصب عملهم فورا، وقد وجهت تعليمات لكافة رؤساء المؤسسات التعليمية قصد اتخاذ كل الإجراءات التنظيمية السارية المفعول في مجال علاقات العمل بدءا من اليوم 8 مارس 2010. وبموجب هذه الإجراءات أعلنت مصالح بن بوزيد أنها سوف لن تكتفي فقط بالاقتطاع التلقائي من الراتب ومن منحة المردودية للأيام التي لم يؤد فيها المضربون العمل، لأنها ستذهب أبعد من ذلك من خلال »معاينة شغور المنصب عند تسجيل أي غياب بتاريخ 7 مارس وهو تاريخ انقضاء المهلة الممنوحة للمتخلفين والقيام بالشطب من قائمة مستخدمي الوظيفة العمومية طبقا للتنظيم الساري المفعول«. إلى ذلك ذكرت الوزارة أنه قد تم توجيه تعليمات لمديري التربية للولايات قصد تفحص طلبات التوظيف التي أرسلت إليهم بغية استخلاف المدرسين الذين ظل منصبهم شاغرا وذلك بالتنسيق مع مصالح الوظيفة العمومية التي وجهت إليها تعليمات هي أيضا من قبل الحكومة، كما أوضحت في بيانها أنه تمّ اتخاذ هذه الإجراءات التي استوجبها صدور قرار العدالة على إثر الاجتماع الذي عقدته الحكومة يوم الثلاثاء 2 مارس 2010، كما برّرت لجوءها إلى مثل هذه التدابير يأتي »حماية للمصلحة العليا للتلميذ«، دون أن تغفل تجديد الدعوة لكل الأساتذة من أجل »التحلي بالحكمة وروح المسؤولية وتحثهم على الالتحاق بمناصب عملهم في أقرب الآجال«. وأكد الوزارة أنه في هذه المرحلة الحساسة من المسار الدراسي لا سيما بالنسبة لأقسام الامتحانات وأمام تمسك بعض المدرسين بالإضراب، فإنه »تحرص في المقام الأول على التذكير بأن كل أسلاك قطاع التربية الوطنية قد استفادوا من زيادات صافية معتبرة في الرواتب تتراوح مابين 29 و30 بالمائة هذا بفضل إعادة تثمين النظام التعويضي بما فيه علاوة المردودية التي تصب بأعلى نسبتها المقدرة ب 40 بالمائة لموظف يمارس مهنته بشكل عادي«. ويبدو من خلال الإجراءات الجديدة التي أعلنت عنها وزارة بن بوزيد أنها أدركت خطورة الوضع بعد الاستجابة الواسعة التي لقيها إضراب الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين »إينباف«، والمجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي والتقني »كنابست«، الذي يكمل اليوم أسبوعه الثاني، كما تتزامن كذلك مع التحذيرات التي أطلقتها جمعيات أولياء التلاميذ من خطر »السنة البيضاء«، ويذكر أن مجلس قضاء العاصمة كان قد أصدر أمرا قضائيا استعجاليا يوم الاثنين الماضي بالوقف الفوري للإضراب واستئناف التدريس. وقال صادق دزيري رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، في أول ردّ فعل على هذه الإجراءات، إن ما أقدمت عليه وزارة التربية الوطنية لا يعدو سوى أن يكون »مواصلة لسياسة الهروب للأمام وقفزا آخر على النقابات بدل الدخول في حوار جاد مع النقابات المضربة«، مؤكدا من جانب آخر بأنه سينسّق المواقف مع المجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي والتقني للخروج بقرار نهائي حول ما ينبغي اتخاذه. وأوضح رئيس نقابة »إينباف« في تصريح ل »صوت الأحرار« أنه سيتم استدعاء المكتب الوطني لاجتماع عاجل لمناقشة الوضع، كما لم يستبعد في هذا الشأن عقد دورة طارئة أيضا للمجلس الوطني الذي يعتبر أعلى هيئة من أجل الخروج ب »قرارات واضحة« والتعامل مع الوضع الجديد الذي فرضته الوزارة، مجدّدا التأكيد بأن »الأساتذة لن يعودوا إلى مناصب عملهم إلا ببيان من النقابة«.