امتثل الأساتذة في كافة الأطوار الدراسية لقرار العدالة القاضي بوقف الإضراب الذي باشروه قرابة أسبوع كامل وعادوا للتدريس أمس، حيث عاينت »صوت الأحرار« أن كل عمال القطاع التربوي استجابوا لنداءات وزارة التربية بتغليب مصلحة التلاميذ من جهة، وكذا تهديداتها التي توعدت فيها بفصل كل الأستاذة الرافضين لقرار العدالة واستخلافهم بآخرين متعاقدين، وهو الذي اعتبره جُلّ الأستاذة الذين استطلعنا أراءهم أنه بمثابة استفزاز ومحاولة تركيع المربي وإهانته أمام أعين تلامذتهم، متوعدين بالعودة للإضراب حتى يتم الاستجابة لمطالبهم. بنبرة قوية وبصفة الواثق من نفسه قال أحد الأساتذة المنضوي تحت جناح نقابة »إينباف« بمؤسسة محمد راسم »أردوا منّا أن نَسكت على حقوقنا المهضومة، ولا نتكلم إلا وفق ما تحب الوصاية، ونحن نقول عهد الولاء ولّى وعليهم أن ينتظروا أياما أخرى مع الإضراب حتى تأخذ جميع مطالبنا على حد سواء«، ليلتحق به أستاذ آخر بمجرد أن علم أننا صحفيين قائلا »نحن لا نفهم كيف أن حق الإضراب مكفول دستوريا، بالمقابل توقّفه العدالة، لأول مرة تتفق النقابات بهذا المستوى ولكن عندما شهدنا أن مصلحة تلامذتنا باتت في خطر تراجعنا، وليس تهديدات الوزارة التي لم تستطع حتى استدراك النقص في توفير الأساتذة لبعض المواد وطنيا، فكيف بها أن تقوم باستخلاف 600 أستاذ اليوم وفي مثل هذه الظروف؟«. وأضاف أستاذ آخر »يتحدثون عن زيادات معتبرة ويُشهرون بنا في الجرائد بأكاذيب، ما نأخذه سوى »الفُتَاتْ« ولا يلبي احتياجاتنا مقارنة مع غلاء الأسعار في كل المواد الأساسية، نحن أساتذة ولم نلق راتبا يحفظ لنا كرامتنا فكيف بالفئات الأخرى«، ولاحظنا أن كل الأساتذة تجمعوا جماعات في باحة الثانوية وقت الراحة وتبادلوا الحديث حول نجاح الإضراب ومدى تحقيقه لمطالبهم، ولكن بمجرد أن اقتربنا منهم رفضوا التحدث معنا بقولهم »نحن في أماكن عملنا ولا يحق لنا الخوض فيما فصلت فيه العدالة، ولنا كامل الثقة في النقابات التي تمثلنا وترافع لمطالب ليست تعجيزية كما قالت وزارة التربية ونتمسك بها حتى يتم الأخذ بحقوقنا المشروعة«. لبُّوا مَطالب أساتذتنا واتركونا نَدرس بسلام.. أما تلاميذ الابتدائي، المتوسطات والثانويات خاصة منهم مستوى النهائي، فبقدر ما رأينا فرحتهم بتراجع الأساتذة عن الإضراب وعودتهم للتدريس، رأينا ملامح الاضطراب والتخوف بادية على وجوههم، فضلا عن القلق والتكلم بنرفزة والامتعاض مما يحدث في القطاع التربوي، فالتلميذ أمين الذي يدرس بثانوية عمر بن الخطاب بشارع ديدوش مراد بقلب العاصمة انتفض عندما طرحنا عليه سؤالا حول رأيه بعودة الأساتذة للتدريس وقال »أي دراسة، وأي برنامج، الوقت يُداهمنا ولا مجال لهضم الدروس ومُراجعتها، أما عن وقت الراحة فتكلم ولا حرج، أرادوا منا أن نصبح آلات نأخذ فقط ولا نتكلم، نحن مشتتون ولا نعلم ما تخفيه الأيام القادمة«. وتابع زميله رفيق الذي بدا أكثر نرفزة »يُريدونها سنة بيضاء على حساب مستقبلنا، سنكون بالمرصاد، رسالتنا واضحة إلى وزارة التربية لبُّوا مطالب أساتذتنا واتركونا ندرس بسلام، ويكفينا ما لحق بنا من تأخر جراء الإضرابات المتكررة، ارحمونا نحن مثل أبنائكم يا مسؤولين«، هي كلمات معبرة ولكنّها تختصر أكثر من كلام إذا فهمه جيدا من بيدهم القرار ويستجيبوا من خلالها إلى انشغالات جيل المستقبل. ويبقى أن التلاميذ الذين التقيناهم أبدوا تخوفاتهم أن يتم تعويض أيام الإضراب بوقت الراحة والعطل سواء السبت أو أمسية الثلاثاء والحشو في البرنامج والإسراع في إلقاء الدروس، لا سيما أنه لم يتم إجراء امتحانات الفصل الثاني لغاية اليوم، وكلها عوامل ستؤثر بطريقة أو بأخرى على نفسية التلاميذ وتخلق اضطرابا غير مسبوق لهذا العام الدراسي الذي شهد كثيرا من العقبات والعوائق بدءا من مشكل تأخير بداية العام الدراسي، ثم مشكل توحيد المآزر حسب الطور الدراسي والجنس، بالإضافة إلى الإضرابات المتجددة بتجدد المطالب، وما تخبؤه الأيام القادمة ستكون حاسمة لا محالة في نجاح الموسم الدراسي الحالي أو فشله.