كيف يشعر مدير التلفزيون، ومن نصبوا مدير التلفزيون، إزاء الإضراب عن الطعام الذي يشنه الصحافي والمبدع عبد الرزاق بوكبة بعد طرده من التلفزيون؟، أنا مستعد أن أدفع أي ثمن لأعرف الإجابة عن هذا السؤال . لم ألتق بوكبة أبدا، ولا تربطني به أي علاقة شخصية، لكنني قرأت له، ومثل كثير من الخلق أشهد بأنني أستمتع بالقراءة له، وأشهد أيضا أن لا مكان له في التلفزيون، لأن منجم الرداءة في شارع الشهداء لا يمكن أن يقبل شخصا مثقفا يتكلم اللغة السليمة، ويقدم البرامج الهادفة، ويجيد الحديث والكتابة، فكل معايير الطرد توفرت في هذا الصحافي المبدع فكانت النتيجة ما نعرف. نعرف أيضا أن في التلفزيون صحافيون ومنشطون لا يفعلون شيئا، يأتون ويذهبون ويتقاضون أجورهم، ويقال أن هناك من "أولي البأس الشديد" الذين يخشاهم الجميع في التلفزيون، ويشترون صمتهم بأي ثمن، ولا نستغرب حين نجد بعض الصحافيين لا يجيدون الحديث بأي لغة، ويتلعثمون في الكلام لكنهم يراد لهم أن يكونوا نجوما رغم أنوف الجزائريين، ورغم أنف من وضع قواعد العمل الصحفي. أخطر ما سمعناه عن التلفزيون هو أن هناك عمليات تصفية للأشخاص المحسوبين على المدير السابق، وأن بوكبة ذهب ضحية تصنيفه ضمن هؤلاء، مثلما أخرج سليمان بخليلي بعد أن سلب برنامجه فرسان القرآن بنفس التهمة، وهناك قائمة أخرى من الذين يدفعون الثمن بطرق أخرى وهم صامتون ينتظرون الفرج لأنهم يعرفون أن الاحتجاج قد يؤدي إلى ما هو أدهى وأمر. التلفزيون ملك للشعب الجزائري، وهو ليس ملكية شخصية لمديره أو لأي جهة كانت، وقاعدة "كل أمة تلعن التي قبلها" التي يطبقها هذا المدير هي دليل على فساد عظيم في تسيير الشأن العام، وعلى الجهات الوصية أن تصحح هذا الوضع الشاذ الذي يجعل وسيلة إعلامية بهذا الحجم تغرق في الرداءة إلى درجة أنها أصبحت مصدرا لكثير من حالات الانهيار العصبي التي تحدث للجزائريين. في اليوم العالمي لحرية التعبير لن نطلب مزيدا من الحرية، بل نطلب قليلا من الاحترام لهذه الملايين من الجزائريين التي تحرم عمدا من كل ما هو جميل، ويقطع حبل وصالها مع كل من يقدر على تقديم ما هو جميل عبر التلفزيون الذي يموله الجزائريون من جيوبهم.