اتهمت جمعية الثامن ماي 1945 وعدد كبير من منظمات المجتمع المدني، مصالح الحكومة ب »الاستخفاف بمقترح مشروع قانون تجريم الاستعمار« الذي بادر به عدد من نواب المجلس الشعبي الوطني، واعتبرت أن البرلمان تنصّل من مسؤولياته فيما يتعلق بمصير هذا النصّ، وعلى إثر ذلك قرّرت الاستنجاد برئيس الجمهورية الذي ناشدته من أجل التدخل لوضع حدّ لما أسمته »المناورات« التي تُحاك ضد تمرير مشروع يدين فرنسا الاستعمارية. هاجمت منظمات وفعاليات المجتمع المدني الوزير الأول أحمد أويحيى، ومن ورائه الجهاز التنفيذي، وقالت إنه »يتصرّف على هواه« في قضية الردّ على مقترح نواب بالمجلس الشعبي الوطني الخاص بمشروع قانون تجريم الاستعمار، وأكثر من ذلك فإنها أوردت في بيان شديد اللهجة أن السلوك الذي تبنته الحكومة حيال هذا النصّ »يشهد بنوع من الاستخفاف تجاه الشعب ويُظهر أنه لا الأدوار ولا السلطات تُحترم..«، كما أقرّت أيضا أن »التجربة البرلمانية الأولى التي تؤكد الممارسة الديمقراطية واستخدام الامتيازات التي يكلفها الدستور يبدو أنها تُزعج السلطة التنفيذية..«. وفي تعليقها على عدم ردّ الحكومة على مبادرة البرلمانيين بمشروع يُجرّم الاستعمار الفرنسي، أحالت جمعية 8 ماي 1945 في بيان لها المُشرّع على المادة 119 من الدستور المُستكملة بالقانون العضوي في مادته 115 التي تنصّ على أنه »عندما لا تُصدر الحكومة رأيها بعد انقضاء شهرين، فإن مُقترح القانون يُحال من طرف رئيس المجلس الشعبي الوطني للنظر فيه من قبل اللجنة المُؤهلة«، ولفتت في هذا السياق إلى أن الكرة الآن بين يدي الغرفة السفلى للبرلمان التي خصّتها هي الأخرى بانتقادات لاذعة. وتابعت الجمعية في بيانها الذي تسلمت »صوت الأحرار« نسخة عنه، بالتأكيد أن الحكومة والبرلمان يتقاسمان المسؤولية في كل الأحوال، ويبرز ذلك من خلال تأكيدها »فالحكومة قد أعلنت عدم أهليتها فيما يخصّ تقرير مصير هذا النصّ، كما أن البرلمان يتهرّب من مسؤولياته، لذلك اضطررنا إلى اللجوء إلى تحكيم القاضي الأول للبلاد«، وقد بنت هذا التوجّه على أساس أن الجمعيات التي بادرت إلى مراسلة رئيس الجمهورية حول الموضوع تؤكد أن مشروع قانون تجريم الاستعمار »نصّ مصدره الشعب، وليس لأي حزب الحق في أن يعلن عليه أُبُوّته..«. كما خاطبت جمعيات تاريخية ومنظمات وطنية في بيان آخر، رئيس الجمهورية من أجل التدخل وإعادة بعث المشروع الذي يُدين فرنسا بالقول »إننا نُناشد فيكم روح المجاهد من أجل تجسيد القانون، بعدما لمسناه من مُناورات وتعطيلات لا تخدم المصلحة الوطنية، وتُلقي بظلال الشك والريبة حول مستقبل مجهول لهذا المشروع«، مثلما أضافت كذلك »إننا ومن عمق هذا الشعب، نناشدكم أن تتدخلوا بما خوّلكم الدستور من صلاحيات لفائدة الذاكرة الوطنية، وحقها في طلب الاعتذار من المُستعمر الغاشم، على غرار الشعوب التي سارت بنجاح في مثل هذا المسعى«. وبنت الجمعيات المُوقعة على نصّ البيان موقفها وثقتها الكاملة في أن تلقى هذه المُراسلة تجاوبا إيجابيا من قبل القاضي الأول في البلاد من منطلق المواقف التي سبق للرئيس عبد العزيز بوتفليقة أن أبداه فيما يتعلق بقضايا التاريخ، وجاء ذلك واضحا في الوثيقة ذاتها »نحن مُطمئنون كل الاطمئنان أنكم لن تتردّدوا في إنجاح هذا المسعى الذي يُعبّر بصدق عن أصالتكم وحرصكم على الذاكرة الوطنية، حيث كنتم أوّل من طالب الدولة الفرنسية بالاعتراف بجرائمها في الجزائر والاعتذار للشعب الجزائري«.