قرّرت السلطات الفرنسية الإبقاء على حالة التأهب القُصوى عبر عدد من المناطق التي توصف ب »الحسّاسة« خاصة العاصمة باريس، وأمرت مصالح الشرطة بمُضاعفة التدابير الأمنية حتى 15 سبتمبر المُقبل عقب تزايد وتيرة التهديدات التي أطلقها ما يُسمى ب »تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي« عندما توعّد بالانتقام لمقتل ستة من عناصره في عملية شنتها القوات الموريتانية نهاية جويلية الماضي بدعم فرنسي. أعلنت أمس وزارة الخارجية الفرنسية »التعبئة الكاملة« لجميع أسلاك الأمن من أجل تنفيذ المُخطّط الأمني الجديد، وقالت إن الأخير يتعلق بحماية المواطنين أو العاملين في مختلف المصالح الدبلوماسية اعتمادا على تقييم طبيعة المخاطر والتهديدات، وبحسب تصريحات »برنارد فاليرو« الناطق الرسمي ل »الكيدورسيه« فإن الزيارة الأخيرة التي قام بها »كوشنير« إلى عدد من بلدان الساحل »كان فيها حريصا أمام السفراء والمواطنين بالتعبئة الكاملة لأمننا«. وقبل ذلك كانت تعليمة صادرة عن مكتب الوزير الأول الفرنسي، »فرنسوا فيون«، كشفت عن توجيهات جديدة بضرورة رفع مُستوى اليقظة في عدد من المناطق تفاديا لحدوث أية اعتداءات إرهابية مُحتملة، وقد شرعت مصالح الشرطة فعليا في إجراء بعض التعديلات على المُخطّط الأمني الخاص بالفترة الصيفية التي يمتدّ حتى 15 من شهر سبتمبر المُقبل، كما أنها رفعت من حالة التأهب إلى »النقطة الحمراء« التي تأتي قبل مستوى الاستنفار الأقصى، وهو مُخطّط يشمل بالأساس مُكافحة الإرهاب والتصدّي لعمليات مُحتملة. وحسب الإجراءات الجديدة التي جاءت في مضمون تعليمة »فرانسوا فيون«، فإن المناطق التي ستعرف استنفارا أمنيا كبيرا ستتركز بشكل رئيسي في المُدن الكبرى وفي مُقدمتها العاصمة الفرنسية باريس التي تعرف حركية كبيرة خلال هذه الفترة الصيفية، وعليه فإن أماكن العبادة الحساسة، والمواقع السياحية الرمزية، وكذا الفضاءات التي تستضيف التظاهرات الكبرى، بالإضافة إلى المحلاّت والمراكز التجارية الكبرى التي تشهد إقبالا واسعا ستشهد كلّها تعزيزات أمنية غير مسبوقة من حيث انتشار كاميرات المُراقبة وعناصر الأمن. إلى ذلك لم ينف »جان لويس فيامانجي«، مُدير ديوان مدير الشرطة بالضواحي الباريسية، صحة تلك الإجراءات وكذا التعديلات التي أُدرجت على المُخطّط الأمني الاستثنائي، حيث أكد أن حالة التأهّب واليقظة تشمل توفير الحماية لكافة الرعايا الفرنسيين في الخارج وخصوصا في منطقة جنوب الساحل وكذا شبه الجزيرة العربية، كما أن تعليمة الوزير الأوّل برّرت كلّ هذه التدابير بما أسمته »تزايُد الخطر الإسلامي التي تُواجه المواطنين وكذا المصالح الفرنسية في الخارج«، وذهبت إلى حدّ الاعتراف بأن مُستوى هذا التهديد »لا يزال مُرتفعا على التراب الوطني«. وترتبط هذه الإجراءات الأمنية في فرنسا بشكل مُباشر بتداعيات العملية العسكرية التي شاركت فيها إلى جانب القوات المورتيانية يوم 22 جويلية الماضي والتي خلّفت مقتل ستة من عناصر تنظيم »القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي«، وقد سبق للوزير الأول الفرنسي أن أعلن في 27 جويلية الأخير أن بلاده دخلت فعليا مرحلة الحرب مع »القاعدة« في أعقاب فشل باريس في تحرير الرهينة »ميشال جيرمانو«. كما تأتي كذلك تزامنا مع التهديدات الجديدة التي أطلقها تنظيم »دروكدال« متوعّدا من خلالها بالانتقام من فرنسا والثأر لمقاتليه الذين قضوا في حملة عسكرية شنتها القوات الفرنسية في الصحراء الكبرى الشهر الماضي، وقد وصف التنظيم في بيان نشر على مُنتديات جهادية الرئيس الفرنسي »نيكولا ساركوزي« بأنه »عدُو الله«، وهو البيان الذي دعا فيه قبائل منطقة الصحراء الكبرى التي تضم مالي والنيجر وموريتانيا والجزائر إلى »المشاركة في الثأر من أبناء وأعوان فرنسا النصرانية«. لكن اللافت في بيان »القاعدة« الذي وقّعه »عبد الرحمن أبي أنس الشنقيطي«، هو اتهامُها الصريح للسلطات الفرنسية بتنفيذ الحملة ضد عناصرها بينما كانت تجري بالتوازي مُفاوضات للإفراج عن »ميشال جيرمانو« الذي أُعدم فيما بعد، وهو ما يتناقض مع تصريحات مسؤولين فرنسيين من أنه لم تكن هناك مُحادثات، كما كشفت من جانب آخر أن عناصر التنظيم الستة الذين قتلوا في العملية العسكرية »هم ثلاثة من أبناء قبائل الطوارق وجزائري وموريتاني ومغربي«.