إن شعلة الثورة يجب أن تبقى متوهجة حتى نتمكن من الحفاظ على مبادئها وقيمها وإبقائها حية في النفوس والقلوب .. فالثورة ليبس لها عمر زمني بخلاف الحرب، لذلك يرفض كثير من السياسيين والمؤرخين تسمية ثورة نوفمبر 1954 " بحرب الجزائر " أو " حرب التحرير " بل " ثورة التحرير " ، ويعكس بيان أول نوفمبر بقوة أن ما حدث عام 1954 ليس مجرد حرب بل هو ثورة حقيقية .. بينما نجد في الفكر الإستعماري حديث عن " حرب الجزائر " بدل الحديث عن " ثورة الجزائر ". الثورة فكر مستمر .. يتجدد مع الزمن، لكنه يحافظ على روحه وجوهره. وعندما يتغير جوهر الثورة فإن الثورة تكون قد انتهت. 56 سنة مكرت على ثورة نوفمبر المجيدة، في كل مناسبة نشهد احتفالات " بروتوكولية في معظمها " ، ولولا بعض الأفلام القديمة جدا عن ثورة نوفمبر وأبطالها التي تلهب النفوس خاصة نفوس الجيل الجديد، وبعض الأفلام الوثائقية، فإن وهج الثورة بدأ يفقد حرارته. ثورة .. كثورة نوفمبر .. يحسدنا عليها عدد كبير من الشعوب والدول .. لكننا بكل أسف لم نثمنها بالشكل الذي تستحق. ولأننا في عصر حضارة الصورة، وعصر تراجعت فيه القراءة بشكل ملفت، فإن إبقاء شعلة الثورة وهاجة، لن يتم إلا عبر الصورة. أجيال عديدة من الجزائريين ما زالت تعيش على أفلام " العفيون والعصا " و " معركة الجزائر " و" وقائع سنين الجمر " و " أبواب الصمت " وغيرها قليل جدا. إنها ليست من حيث العدد في مستوى عظمة الثورة. كل قرية من قرى الجزائر لها بطولات وحكايات مع الثورة، كل أبطال الجزائر مادة حيوية لمسلسل حول أبطال الثورة ، حتى الحركة الوطنية وأبطالها بحاجة إلى أفلام ومسلسلات .. ولكن بكل أسف، ومنذ سنوات طويلة، لم نشهد أي فيلم جديد عن الثورة أو أبطالها باستثناء فيلم واحد عن الشهيد " مصطفى بن بولعيد " .. إنه جحود في حق الثورة، جحود في حق التاريخ ، جحود في حق أجيال الإستقلال، ونكران لصنّاع التاريخ. لقد احتفلت الجزائر في السنوات الأخيرة بعدة تظاهرات ثقافية، منها تظاهرة في فرنسا، وتظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية، وتلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، وخصصت لهذه التظاهرات أموال ضخمة للغاية، وبكل أسف لم يتم إنجاز أي فيلم جديد عن الثورة. وحتى لا تموت الثورة، وبدون أن نغفل احتمال وجود أطراف ترغب في " اغتيال الثورة"، فإن المطلوب يتمثل في إنشاء " مؤسسة أفلام الثورة " على طريقة المركز الوطني للبحث في الحركة الوطنية وتاريخ الثورة. وتختص مؤسسة أفلام الثورة فقط بإنجاز أفلام ومسلسلات وبرامج وثائقية عن الثورة، فضلا عن تزويد شبكة الأنترنيت بمحتوى عن الثورة وتاريخها وأبطالها وجرائم الإستعمار.. وحينما يتم ذلك لن نكون في حاجة إلى قانون لتجريم الإستعمار .. بل إنها البديل الحقيقي والفعال لتجريم الإستعمار .. إذا كانت لدينا رغبة حقيقية في تجريمه.