أبلغت المديريات الولائية للحماية المدنية عددا مُعتبرا من الأعوان الذين تمّ توظيفهم في هذا السلك خلال السنوات الثلاث الأخيرة بضرورة تسوية وضعياتهم تجاه الخدمة الوطنية بعد انقضاء فترة التأجيل التي منحتها مكاتب التجنيد، وبموجب ذلك رفعت هذه المديريات أي مسؤولية عنها بعد أن دعت أعوانها إلى ضرورة الإسراع بتقديم الوثائق التي تُؤكد أنهم غير معنيين بهذا الالتزام سواء بالإعفاء أو باجتياز فترة الخدمة المٌقدّرة ب 18 شهرا. أفادت مصادر مؤكدة من مكاتب التجنيد التابعة لوزارة الدفاع الوطني، أنها تلقت الكثير من طلبات تسوية الوضعية من طرف أعوان الحماية المدنية المتواجدين حاليا قيد الخدمة، وقالت إن هؤلاء مُطالبون بتسوية وضعياتهم في أقرب الآجال، ويتعلق الأمر بالأساس بالذين انتهت فترة صلاحية وثيقة التأجيل التي تحصّلوا عليها، وهي تدوم عاما واحدا كما هو معلوم، وبحسب ذات المصادر فإنه ليس أمام المصالح المكلّفة بالتجنيد سوى تطبيق القانون رغم اعترافها بما أسمته »المهمة النبيلة لهذه الشريحة«. وتُفيد المعلومات التي تحصّلت عليها »صوت الأحرار« أن أعوان الحماية المدنية الذين تشملهم استدعاءات تسوية الوضعية سيُعاملون على نفس القدر مع كافة المواطنين البالغين السن القانونية التي تسمح لهم بأداء واجب الخدمة الوطنية، وبالتالي فإن أيّ تأخير يعني تصنيفهم في خانة »العصيان« بعد ثلاثة وصول استدعاءات متتالية دون استجابة، وتُضيف مصادرنا بأن الأمر يتعلق ب »آلاف الحالات التي تستدعي التسوية«. ولفتت المصادر التي تحدّثت إلينا إلى أن هذا الإشكال يُطرح فقط مع سلك الحماية المدنية بخلاف سلكي الأمن والدرك الوطني الذين تربطهما اتفاقية مشتركة مع وزارة الدفاع الوطني تقضي بإعفائهم آليا بمجرّد توظيفهم، وأشارت إلى أنه كان بإمكان مصالح العقيد مصطفى لهبيري الإقدام على نفس الخطوة بإبرام اتفاقية مماثلة، وباستثناء ذلك فإن كل الأعوان المعنيين سيضطرون إلى اجتياز 18 شهرا من الخدمة العسكرية. وأمام هذا الوضع ليس مُستبعدا أن يُواجه سلك الحماية المادية ما يُشبه »النزيف« في صفوفه إذا ما تمّ اعتماد نفس الصيغة المعمول بها حاليا في التوظيف، خاصة وأنه يتم توظيف 7 آلاف عون جديد سنويا، لأن أغلب الشباب المقبلين عليها يتجاوزون بقليل سن 18 عاما، ولذلك فإنه بعد انقضاء فترة التربص وبداية العمل فعليا يجدون أنفسهم مطالبين بالالتحاق بالثكنات مقابل الحصول على »انتداب« يسمح لهم بالعودة من جديد إلى مناصبهم في غضون عام ونصف العام، وقد تسببت هذه الوضعية في حالة تذمّر كبير وسط هؤلاء. ومن أجل الحصول على مزيد من التوضيحات بخصوص هذه القضية سألت »صوت الأحرار« المدير الفرعي للإعلام بالمديرية العامة للحماية المدنية، محمد مجقان، فكانت إجابته بالتأكيد أن طلب تسوية الوضعية تُجاه الخدمة الوطنية »إجراء طبيعي«، وأرجع ذلك إلى مضمون التعليمة الصادرة عن رئيس الحكومة قبل ثلاث سنوات بشأن إعادة النظر في شروط مسابقات التوظيف في قطاعات الوظيف العمومي، حيث أصبحت وثيقة »التأجيل« كافية لقبول الترشيحات في سلك الحماية المدنية، مشيرا إلى أن عدد الأعوان المعنيين بهذا الإجراء »قليل جدّا« دون أن يكشف عن رقم مُحدّد لهذه الحالات. وعلى هذا الأساس لا يرى محمد مجقان أي إشكال في الوضع بعدما أورد أنه ليس هناك ما يُثير الانشغال، والتزم بالمقابل بالحفاظ على كافة الحقوق المكتسبة للأعوان المعنيين الذين دعاهم إلى ضرورة تسوية وضعياتهم حتى وإن تطلّب الأمر أداء هذا الواجب أو من خلال الحصول على تمديد إضافي لوثيقة التأجيل، مضيفا بأنهم سيحصلون على وثيقة انتداب تكفل لهم العودة من جديد إلى مناصبهم بعد استكمال فترة التجنيد. كما أوضح المدير الفرعي للإعلام بالمديرية العامة للحماية المدنية، ردّا على سؤال حول إمكانية إبرام اتفاقية مع وزارة الدفاع الوطني لتجاوز هذا الإشكال مثلما هو حاصل مع أسلاك الأمن، بالقول »إن الحماية المدنية ليست سلكا عسكريا على عكس أعوان الدرك الوطني مثلا«، نافيا من جهة أخرى احتمال أن يتسبّب الوضع الحالي في عرقلة المهام الموكلة إلى هذا السلك بسبب إمكانية حدوث حالات كثيرة لشغور المناصب.