أجمع أساتذة جامعيون وأئمة على أن هناك عوامل تهدد المرجعية الدينية في الجزائر في ظل العولمة والعلاقات المعقدة على مستوى الأفراد والجماعات، خاصة وأن المجتمع الجزائري لا يعيش بمعزل عن الحراك الفكري والسياسي والديني والظواهر الغريبة التي ما فتئت تظهر في شرق وغرب البلاد، وهي حوادث لها أثارها السلبية في القريب والبعيد، وطالب المشاركون في الندوة العلمية بدسترة المرجعية الدينية وتقنينه. حذر مختصون في العقيدة وباحثون جامعيون في ندوة علمية نظمتها مديرية الشؤون الدينية لولاية قسنطينة أمس حول »الوحدة العقائدية والفكرية للأمة الجزائرية« بحضور أئمة ودعاة من خطر التمدد الطائفي في الجزائر وحماية المجتمع المسلم من التفسخ الديني لاسيما والمجتمع ألإسلامي بصفة عامة والجزائر خاصة مفتوحا على كل التيارات الفكرية المنحرفة والتحولات الضالة، ودور الأئمة والدعاة في ترشيد العامة من الناس التي تأخذ بهذه الأفكار، خاصة والأمة الإسلامية على غرار العالم كله تعيش عصر الأسلحة والحروب والدمار، وهو ما أشار إليه الدكتور رمضان يخلف في ورقته الذي قال إن أئمة الجزائر وعلماءها مطالبون اليوم بأن يكونوا في مستوى هذه المرحلة ووجب عليهم أن يقربوا مفاهيم الإسلام من العامة وأن يكون خطابهم جامعا، وأوضح الدكتور رمضان يخلف أن الطائفية في الجزائر هي حلقة من أعمال مخطط لها، وتابعة لتنظيم معين ولها امتدادات وآثار سيئة، غير أنه لا ينبغي أن نقابلها بمفاهيم متباعدة. والطائفية كما قال الدكتور كمال عرفي أدخلت المجتمع الجزائري في ظروف تعرية، والمجتمع الجزائري اليوم بحاجة إلى تحصين أكثر من أي وقت مضى للحفاظ على مرجعيته الدينية وما زال يحتاج إلى توعية والتحسيس، مشيرا إلى الدور الذي ينبغي أن يقوم به الأئمة وهو البحث عن الإطار الصحيح للمرجعية الدينية في ظل ألأفكار الواردة وتعدد الفتاوى كالقاديانية أو الأحمدية التي غزت بفكرها القرى والمداشر في الجزائر، وهي تنم عن خطر كبير يهدد مقومات الدين الإسلامي الحنيف وأن هناك مؤامرة تحاك لضرب المجتمع الجزائري، وقد حان الوقت كما قال لتقنين المرجعية الدينية للمجتمع والتصدي للأفكار المتطرفة. وقدم المحاضر التجربة المغربية كمثال موضحا كيف حافظ المغرب على مرجعيته الدينية وقام بتقنينها، وبعملية التقنين استطاع أن يحل الصراع بين المالكيين والعبيديين، عكس ما يحدث في الجزائر والخلاف الذي ما زال قائما في قانون الأسرة، في إشارة منه إلى أن المشرع الجزائري لم يعمل بالمذهب المالكي في قضايا الأحوال الشخصية، بل استند إلى المذهب الحنفي وهو كما قال تقليد للقانون المصري، وقد اقترح الدكتور كمال عرفي على السلطات المعنية وعلى رأسها وزارة الشؤون الدينية والأوقاف بترسيم المذهب المالكي كمرجع ديني للجزائريين. الدكتور ربيع لعور انتقد من جهته، بعض الأئمة والعلماء الذين تجاهلوا خطر الذين سماهم ب»المخالفين« على أساس أنها فرق لا زاد لها ولا قاعدة، ولم يراعوا الأثر الذي تتركه عند عامة الناس، وقد اعتمد المحاضر على فكر العلامة أحمد حماني كنموذج ورده على المخالفين من أهل البدع، وقال إن الطائفية لها بعد سياسي، ولا بد أن يكون البعد السياسي حاضرا في محاربة الطائفية.