أكد صندوق النقد الدولي أن الأحداث الأخيرة التي شهدتها تونس، لن تتكرر في الجزائر، وذلك مرده اختلاف الوضع والنظام بين البلدين، كما وصف الإجراءات التي اعتمدتها الحكومة الجزائرية لدعم القدرة الشرائية للمواطن عقب موجة الاحتجاجات بالمناسبة والصحيحة، لكنه حذر بالمقابل من تكرار سيناريو التوتر الاجتماعي في حال انهيار أسعار النفط، مذكرا بما حدث في سنوات الثمانينات. قال جوناس توجاس رناتي رئيس وفد الأفامي الذي زار الجزائر في نوفمبر الماضي لإعداد تقرير مفصل، »إن تكرار المشهد التونسي في الجزائر أمر مستبعد جدا، لأن السياق في البلدين مختلف في الكثير من النقاط السياسية اقتصاديا، سياسيا واجتماعيا«، وأوضح الخبير أن الجزائر شهدت مطلع الشهر الجاري احتجاجات شعبية في العديد من الولايات بسبب ارتفاع أسعار الزيت والسكر، غير أن الحكومة الجزائرية استطاعت أن تتخذ الإجراءات اللازمة لخفض الأسعار، وتعليق الرسوم الضريبية والجمركية. واعتبر الخبير في صندوق النقد الدولي في حوار لنشرة الأفامي بمناسبة صدور التقرير الخاص بالجزائر الأربعاء الماضي، »أن الحكومة كانت تملك القدرة على اتخاذ تلك الإجراءات وتغطية النفقات التي لا تمثل إلا 0.3 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي الخام»، في ظل ارتفاع أسعار النفط وما وصفه براحة مالية تتمتع بها الجزائر. واعتبر الخبير، أن ما اتخذته الحكومة من إجراءات لمواجهة الاحتجاجات الاجتماعية كان قرار صحيحا ما دام الدعم موجها للتكفل بالفئات الهشة من المجتمع، لكنه حذر بالمقابل من احتمال تكرار موجة احتجاجات اجتماعية جديدة بالجزائر، في حال انخفاض شديد في أسعار النفط الذي يشكل المورد الرئيسي للمداخيل. وقال رناتي إن الاقتصاد الوطني يعتمد بالأساس على مداخيل النفط، وأن النفط يخلق الثروة ولكنه لا يساعد في إنشاء مناصب عمل، وهذا ما يجعله هشا- بحسب خبير الأفامي- الذي أشار إلى أنه دون نمو في قطاعات أخرى، فإن استمرار معدل البطالة سيستمر، بسبب عدم القدرة على خلق فرص عمل كافية. ويرى الخبير أن الجزائر في حاجة إلى نمو سنوي قدره 6 بالمائة خارج قطاع المحروقات لامتصاص الوافدين الجدد لسوق العمل التي يرتفع عددهم ب 2.5 إلى 3 سنويا. وتخوف الخبير من حدوث انهيار في أسعار النفط، موضحا أن هذا الوضع المحتمل ستكون له عواقب خطيرة على الاقتصاد الوطني، حيث ذكر بسنوات التصحيح الهيكلي وما عانته الجزائر في سنوات الثمانينيات بسبب انهيار أسعار النفط مما أدى إلى ظهور مشاكل اجتماعية عديدة. وتابع في تحليله موضحا أن الأموال التي جمعتها الجزائر خلال ما يقارب عشريتين بفضل السياسية الاقتصادية الحذرة التي تنتهجها ستساعد على الحد من مخاطر ما قد يحدث في حال وقوع هذا السيناريو، لكنها مطالبة بمعالجة المشاكل من جذورها والعمل لاستبعاد احتمال مواجهة توترات اجتماعية، وذلك من خلال العمل على الأمد البعيد على بعث المنافسة بين موزعي المواد الغذائية والقضاء على السلوكيات الاحتكارية التي تعد من العوامل المساهمة في ارتفاع الأسعار في المرحلة الأخيرة، كما دعا الجزائر لتطوير قطاعها الفلاحي لضمان المناعة في مواجهة تذبذب الأسعار في الأسواق الدولية.