حاولت السفارة الفرنسية بالجزائر، اللعب على الحبلين، حين سعت إلى تبرئة بلادها مما أسمته "ابتزاز الجزائر والضغط عليها" في ملف عودة الحركى من جهة، لتدافع من جهة أخرى عن "أحقية" هذه الفئة الخائنة في العودة إلى أرص الجزائر، دون مراعاة للموقف الجزائري الصارم والحازم الذي يرفض استقبال الخونة بأرض الشهداء. أصدرت السفارة الفرنسية بالجزائر، بيانا، ضمنته من النفاق ما يكفي لتأكيد المواقف الفرنسية المتنافية مع مبادئ الدولة الجزائرية فيما يتعلق بملف الذاكرة، فعلى الرغم من محاولاتها "تهذيب" خطابها، والتلاعب بالكلمات، غير أن وثيقة السفارة فضحت موقفها من الجدل القائم حول ما أشيع بشأن احتمال "عودة الحركى إلى الجزائر"، والذي يصب لصالح هذه الفئة التي اختارت خيانة أبناء وطنها والتملق للعدو المستعمر. واكتفى بيان السفارة بمحاولة إقناع الجزائريين ب"عدم نية فرنسا الضغط وابتزاز الجزائر حول هذا الملف"، في حين لم تتوان الوثيقة عن "التغني" ب"أحقية" الحركى في العودة إلى الجزائر، وتصويرهم في صورة الضحية. وجاء في بيان السفارة الذي تضمن رد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، على النائب البرلماني الفرنسي م. داميان ادام "صاحب سؤال العار"، أن الوزير الفرنسي، شدد على أن "الحكومة الفرنسية تحس بالضيق الذي يشعر به قدماء الحركى وعائلاتهم الذين غادروا الأرض التي ولدوا فيها والتي لا يعودون إليها حتى في الرحلة الأخيرة من حياتهم"، مؤكدا ما أسماه الجهود الطويلة للحكومة الفرنسية لتمكينهم من العودة إلى الأرض الأم. وواصلت السفارة اعتماد أسلوب النفاق، حين نفت أن يكون وزير الشؤون الخارجية قد قال إن مسألة عودة قدماء الحركى في الجزائر كانت "محل نقاش" مع السلطات الجزائرية، لتعلن في المقابل عن رغبة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون طرح الملف خلال زيارته للجزائر شهر ديسمبر المقبل، والعمل مع السلطات الجزائرية من أجل المصالحة والتعافي من الذاكرة، ضاربة عرض الحائط بالحساسية الكبيرة التي تميز الملف، وموقف الدولة الجزائرية الحاسم تجاه هذه القضية، الذي يغلق أي مجال للنقاش أو التفاوض، فمن خان وطنه بالأمس لا يملك حق الانتماء إليه ولو بالاسم. يذكر أن النائب داميان ادم، عن حزب "الجمهورية إلى الأمام"، وجه سؤالا لوزير الخارجية، جون إيف لودريان، يسأله عن وضع الحركى وحرية التنقل بين فرنساوالجزائر، معتبرا رفض السلطات الجزائرية السماح لهؤلاء الأشخاص وعائلاتهم من زيارة الجزائر "قرار غير عادل بعد كل هذه السنوات التي انقضت على الأحداث التي عاشها البلدان".