كثيرة هي المهن والوظائف التي اقتحمتها المرأة الجزائرية في زمننا هذا مفضلة رفع شعار التحدي لإثبات ذاتها وقدراتها، مهن ووظائف كانت في وقت ليس ببعيد تعتبر حكرا على الرجال فقط ، حيث تعتبر عزري حبيبة من النساء اللواتي خضن غمار مهن رجالية فهي ثاني امرأة جزائرية تمارس مهنة سائقة حافلة على المستوى الوطني. في قلب العاصمة الجزائرية المزدحمة، اختارت عزري حبيبة صاحبة 50سنة مهنة قيادة الحافلة بالمؤسسة الوطنية لنقل الحضري»ايتوزا« و رغم ما تتطلبه هذه المهنة من حضور ذهني وبدني، إلا أنه لم يمنعها ذلك من مزاولتها طيلة أيام الأسبوع خلال الفترة المسائية و ذلك ابتداء من الساعة الواحدة زوالا و هذا على الخط الرابط بين ساحة الشهداء وخروبة، إذ تعتبر ثاني امرأة فضلت دخول غمار التحدي والعمل في مهنة يهيمن عليها الرجال. اقتربت» صوت الأحرار« من محطة نقل المسافرين بساحة الشهداء، أين سردت علينا حبيبة عزري تفاصيل رحلتها مع البحث عن عمل إلى أن وصل بها المطاف إلى قيادة الحافلة، حيث أكدت لنا أنها قبل ممارستها لهذه المهنة فقد احتكرت العديد من المهن التي يمارسها الرجال بداية ب»dj« ،»الدجي« في الأعراس، فضلا عن وُلوجها مهنة المصاعب كشرطية، ونافست بذلك شقيقها الرجل في توليها، كما مارست أيضا وظيفة سائقة سيارة أجرة لينتهي بها المطاف الى قيادة الحافلة حاليا، وتضيف مُحدثتنا » بالنسبة لي هي مهنة كباقي المهن الأخرى فلا أرى أي شئ يدعو للاستغراب خاصة وأنني أملك المهارات المطلوبة للقيادة مثلي مثل أي رجل فحقيقة أنا جد سعيدة لخوض هذه التجربة التي لطالما كانت حلما بالنسبة لي«. وفي نفس السياق، أكدت السيدة عزري أنها من اليوم الأول الذي بدأت تمارس فيه مهنتها هذه وجدت ترحيبا وتشجيعا من طرف عائلتها وكذا زملائها الرجال الذين رحبوا بها ضمن طاقمهم ولم تواجه- تقول- أي صعوبات وعراقيل سوى تحمل مسؤولية السياقة وبالتالي مسؤولية الركاب الدين تقع سلامتهم وأمنهم على عاتقها. وأفادت حبيبة أن مهنة قيادة الحافلة مثلها مثل باقي المهن الصعبة التي اقتحمتها المرأة الجزائرية كالميكانيك، البناء وغيرها والتي لم تعد حكرا على العنصر الرجالي. مضيفة أنها لا تجد المانع في تشجيع المرأة على اقتحام مثل هذه المجالات، مهما كانت الظروف باعتبار أن وجودها سيخلق بذلك توازن إيجابي في المجتمع كون الرجل والمرأة بحاجة لبعضهم البعض وهذا يكمل الآخر. اغتنمنا فرصة وجودنا بالحافلة التي تقودها حبيبة واقتربنا من بعض الركاب الذين عبروا عن احترامهم و تقديرهم لمثل هذه المبادرات المتميزة التي تقوم بها المرأة، خصوصا وأن المجالات أصبحت مفتوحة أمامها باعتبار أننا في زمن يعترف بالإنجازات التي يحققها الفرد مهما كان جنسه. وقالت إحدى النساء أنها كل يوم تستقّل الحافلة التي تعمل بها حبيبة ويسعدها أن ترى امرأة تقود حافلة في مثل هذا الحجم، متمنية بذلك أن تحدو الكثيرات حدوها، كما شاطرها الرأي أحمد الذي اعتبر هو الآخر أن مثل هذه المهنة الشريفة تتطلب من المرأة الشجاعة والقدرة إضافة إلى الصبر. وفي الأخير، تمنت حبيبة عزري لكافة نساء الجزائر مزيدا من النجاحات والتوفيق في حياتهن الخاصة والعملية.