يتواصل نزوح الكثير من رعايا دول جنوب الصحراء هروبا من المواجهات الدامية في ليبيا، وسط مخاوف حقيقية من أن يتم استغلال هذه الحالة من قبل تنظيمات إرهابية لتهريب السلاح إلى معاقل »القاعدة« بمنطقة الساحل الصحراوي، فبين يومي الجمعة والسبت الماضيين دخلت ما لا يقل عن 600 رعية مالية التراب الجزائري، ويرتقب حسب مصادر مختلفة أن يتضاعف العدد مع تواصل الاشتباكات الدامية بين القوات الحكومية والمعارضة الليبية، واشتداد قصف الحلفاء الذي أوقع لحد الآن الكثير من الضحايا المدنيين. وصلت 602 رعية مالية من اللاجئين الفارين من الاضطرابات الأمنية التي تشهدها ليبيا، وهذا منذ يوم الجمعة إلى ولاية إيليزي كما أفاد بذلك أول أمس مسؤول الخلية الولائية المكلفة بمتابعة واستقبال النازحين، ويضاف هؤلاء النازحين الذين دخلوا التراب الوطني عبر المنفذ الحدودي لتين ألكوم 240 كلم عن مدينة جانت، إلى الآلاف من الرعايا الأجانب خاصة من دول جنوب الصحراء وفي مقدمتها مالي والنيجر الذين نزحوا إلى التراب الجزائري منذ اندلاع المواجهات في ليبيا، وقال نفس المصدر أن النازحين الجدد تم نقل معظمهم مساء الجمعة إلى بلدية برج الحواس التي تقع على حوالي 120 كلم شمال جانت، قبل ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية، وتم التكفل وبترحيل هذا العدد المعتبر من الرعايا الماليين الذين كانوا يعملون أساسا في ورشات بحضور ممثليهم على مستوى القنصلية المالية، هذا فيما ينتظر حوالي 45 نازحا موريتانيا بنفس المعبر الحدودي وصول ممثليهم الدبلوماسيين لتسوية وضعيتهم، علما أن عائلات موريتانية تشكل أغلب هؤلاء الرعايا والتي لا تحمل وثائق رسمية باستثناء شهادات تلقيح وشهادات ميلاد أبنائهم. ويشكل نزوح الرعايا الأجانب تحديا كبيرا بالنسبة للأمم المتحدة التي أحصت منذ الأيام الأولى من اندلاع المواجهات في ليبيا مغادرة ما لا يقل عن 250 ألف للتراب الليبي، منهم ستة ألاف دخلوا الجزائر، فيما توقعت الأممالمتحدة نزوح ما لا يقل عن مليون شخص من ليبيا، ويعتبر ذلك تحديا حقيقيا بالنسبة للجزائر أيضا، سواء من الناحية الإنسانية أو من الناحية الأمنية، خاصة في ظل المخاوف التي عبرت عنها الجزائر فيما يتعلق باحتمال استغلال تنظيم »القاعدة« الوضع في ليبيا لتضخيم صفوفه وتوسيع رقعة نشاطه، وتسليح نفسه من خلال الاستفادة من أطنان الأسلحة التي تظل دون مراقبة في ليبيا، بعدما هجر جنود القذافي العديد من الثكنات العسكرية وتخلوا عن العديد من مخازن السلاح والذخيرة. وكانت الجزائر قد عززت الإجراءات الأمنية على طول حدودها مع ليبيا بغية منع محاولات تسلل قد تقوم بها عناصر من تنظيم »القاعدة« في بلاد المغرب الإسلامي إلى أراضيها، وكشفت مصادر إعلامية أن حوالى 7000 دركي وخمسة ألوية من الجيش انتشرت على طول الحدود الجزائرية- الليبية، لمنع أي محاولة لتهريب أسلحة أو تسلل عناصر »القاعدة« إلى الجزائر، فالتأهب هو في مستواه الأقصى، لاسيما أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سيتوجه غدا إلى ولاية تمنراست، في زيارة عمل وجولة تفقدية، وليس من الوارد إطلاقا السماح بأي خرق أمني في الجنوب.