عاد هاجس الإرهاب ليسكن المسؤولين السياسيين والأمنيين في باريس، وهو ما ترجمته تصريحات للمسؤول على الفرع الداخلي لجهاز الاستخبارات الفرنسية برنار سكارسيني، الذي كشف فيها عن انتقال عدد تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي من 150 إلى 400 عنصر، مؤكدا أن فرنسا هي على رأس قائمة الدول التي تواجه تهديدات هذا التنظيم الإرهابي. طرحت التصريحات الأخيرة لرئيس الإدارة المركزية للاستخبارات الداخلية الفرنسية تساؤلات كثيرة حول خلفياتها وأهدافها خاصة بالنظر إلى التوقيت الذي جاءت فيه والذي يتزامن كما هو معروف مع الكثير من المستجدات السياسية وخصوا الأمنية المتعلقة بمقتل زعيم تنظيم القاعدة الأم على يد قوات خاصة تابعة للجيش الأمريكي بباكستان،وعودة التصعيد الإرهابي إلى فضاء نشاط تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي في الجزائر والمغرب، مع تفجير مقهى »أركانة« بوسط مراكش، وإلى عدد من دول الساحل الصحراوي. برنار سكارسيني أكد في مقابلة مع صحيفة »لو موند« الفرنسية أن عدد عناصر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي يبلغ 400 رجل، مضيفا : »لقد انتقل العدد في غضون عامين من 150 إلى 400 رجل مع حلقة لوجستية من 150 إلى 200 رجل«،وأوضح المسؤول الأمني الفرنسي أنه »منذ أن أعلن ولاءه لتنظيم القاعدة في 2006، ضاعف التنظيم في بلاد المغرب الإسلامي أنشطته عشر مرات«. وقال رئيس الإدارة المركزية للاستخبارات الداخلية الفرنسية أن »فرنسا على رأس الدول المهددة«، وبطبيعة الحال فإن ذلك ليس بالأمر الجديد، فقد سبق لوزير الداخلية كلود غويان أن تحدث عن التهديدات التي تواجهها فرنسا ومصالحها الخارجية من قبل تنظيم القاعدة الذي سعى مؤخرا إلى استهداف السفارة الفرنسية بنواكشوط، علما أن التنظيم الإرهابي لا يزال يحتجز خبراء نوويين فرنسيين اختطفهم في سبتمبر الماضي بمنطقة أرليت بشمال النيجر ويطالب بأكثر من 90 مليون أورو وبانسحاب القوات الفرنسية من أفغانستان، لإخلاء سبيلهم. وتتزامن هذه التصريحات سواء التي أدلى بها عدد من المسؤولين في حكومة ساركوزي على غرار وزير الخارجية ألان جوبي ووزير الخارجية كلود غويان، ومدير الجهاز الداخلي للاستخبارات الفرنسية، بعد الصمت الطويل الذي التزمته باريس حيال توسع نشاط تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي ، بالتوازي مع الحرب الأهلية الدائرة في ليبيا، ومع التحذيرات الكثيرة التي أطلقتها الجزائر بخصوص استغلال تنظيم عبد الملك درودكال للوضع بجماهيرية القذافي لتجنيد عناصر جديدة وكسب مواقع وتهريب السلاح نحو معاقل التنظيم بدول المغرب العربي والساحل الصحراوي. وبغض النظر عن التضارب حول عدد عناصر تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي المسلحين أو الذين ينشطون ضمن زمر الدعم والإسناد، فإن تراجع عدد عناصر التنظيم الإرهابي إلى حوالي 400 عنصر، رغم التحاق عناصر جديدة من دول الجوار كالمغرب وليبيا وتونس ومالي والنيجر وموريتانيا بجماعة درودكال، يعد مكسبا كبيرا ساهمت الجزائر بالقسط الأوفر في تحقيقه بفضل الكفاح الميداني الذي يخوضه جيشها وأجهزتها الأمنية ضد الزمر الإرهابية، وبفعل رعايتها للتنسيق الأمني بين دول الساحل الصحراوي، وبفضل سياسة المصالحة الوطنية التي سمحت بمحاصرة الإرهاب سياسيا واجتماعيا.