أكد الدكتور الطيب البكوش رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان على أهمية اللجوء إلى العدالة الانتقالية في المنطقة العربية التي عرفت وتعرف انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، مشيرا في المقابل إلى عدم وجود تجربة نموذجية قابلة للاستنساخ والتطبيق في جميع الدول، مستشهدا بالأزمة الجزائرية التي تتميز بالتعقيد من وجهة نظره لتنوع مصادر الانتهاكات على خلاف التجربة المغربية التي كان مصدر المسؤول عن الانتهاكات واضح ومعروف بالنسبة للجميع وهو السلطة السياسية. مبعوثتنا إلى تونس:سميرة بن عودة انطلقت أمس بالعاصمة التونسية أشغال الدورة التكوينية التي ينظمها المعهد العربي لحقوق الإنسان بالتعاون مع مؤسسة فورد لفائدة 14 صحفيا يمثلون مختلف المؤسسات الإعلامية الجزائرية، وأشار رئيس المعهد في مداخلته أمس أمام المشاركين إلى أهمية هذه الدورات التكوينية التي يبادر بها المعهد في إرساء ثقافة حقوق الإنسان في الوسط الإعلامي ضمن خطة وإستراتيجية يتبناها المعهد منذ سنوات، بعدما ثبت ومن خلال دراسة للمضامين الإعلامية للصحافة المكتوبة في أربع دول عربية أجراها المعهد الغياب الكبير لحس حقوق الإنسان لدى الإعلاميين، معتبرا أن التشريعات في العديد من الدول العربية هي بمثابة عائق أمام حرية الفكر والتعبير والإعلام وهو ما يستدعي من التنظيمات الحقوقية وممثلي المجتمع المدني عملا مضاعفا لإرساء هذه الثقافة، وقال إن مهمة المعهد تتمثل في تأطير وتكوين كوادر هذه التنظيمات لتقوم بهذا الدور، مؤكدا أن المعهد أجرى لحد الآن حوالي 10 دورات للصحفيين من مختلف الدول العربية، وقال إن هذه الدورات قدمت نتائج جيدة في الميدان. وعن الدورة التي بدأت أشغالها أمس وتستمر إلى غاية 17 من الشهر الجاري تهدف إلى تسليط الضوء إلى مفهوم فرض نفسه بقوة في الفترة الأخيرة على الساحة العربية والدولية وهو العدالة الانتقالية خاصة وأن العديد من الدول العربية التي عرفت أزمات سياسية وأمنية هي بحاجة اليوم إلى عدالة انتقالية تكون بديلة عن العدالة الجنائية لإرساء السلم والمصالحة والتي تعد ضرورة لمرافقة عملية التحول الديمقراطي الفعلي. وأشار المتحدث إلى أنه ورغم وجود عدد من الدول في أمريكا اللاتينية وإفريقيا مرت بتجربة العدالة الانتقالية إلا أنه لا يوجد نموذج واحد يمكن استنساخه وتطبيقه في جميع الدول لأنه ولكل بلد خصوصياتها ولكل أزمة مكوناتها مبرزا في هذا الإطار الاختلاف الكبير بين الجزائر والمغرب، لأن مصادر انتهاكات حقوق الإنسان في الجزائر خلال سنوات العنف متنوعة ولا تقتصر على طرف بعينه على عكس المغرب التي يعتبر مصدر الانتهاك فيها معروف للجميع وهو السلطة السياسية آنذاك. ومن المنتظر أن تكون التجربة الجزائرية في المصالحة الوطنية أهم محاور الورشة التكوينية التي سيستفيد منها الصحفيون الجزائريون والتي سيعرضها المحامي مصطفى بوشاشي رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، مع تقديم أهم القوانين التي اتخذتها الجزائر في هذا المجال وآثارها في معالجة مخلفات الأزمة، وكذا دور الإعلام في تحقيق مسار العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية في الجزائر.