أرغمت إسرائيل أخيرا على التوقيع على صفقة لتبادل الأسرى مع حركة المقاومة الإسلامية حماس يتم بمقتضاها إطلاق سراح ألف أسير فلسطيني و27 أسيرة فلسطينية، مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط الذي أسرته المقاومة في قطاع غزة قبل خمسة أعوام. قبلت إسرائيل جل شروط المقاومة وهي صاغرة، وخرج مجرم الحرب بنيامين نتنياهو ليعلن للإسرائيليين أن الصفقة هي أفضل ما يمكن التوصل إليه في الظروف الحالية ليرسم صورة إسرائيل المهزومة في المفاوضات بعد أن فشلت لأكثر من مرة في تحرير شاليط بواسطة الحرب، وأعادت المقاومة الفلسطينية ما فعلته المقاومة في لبنان عندما أجبرت إسرائيل على صفقة لتبادل الأسرى لاستعادة جثث جنودها الذين قتلهم حزب الله في جنوب لبنان سنة 2006 ودمرت لبنان من أجل استعادتهم دون أن تفلح. لم تعد سنوات طويلة من المفاوضات مع إسرائيل شيئا من الحق الفلسطيني، ولم يفلح عباس، ومن يقفون وراءه من عرب الاعتدال المتآمرين على المقاومة في إجبار إسرائيل على التنازل قيد أنملة، لكن المقاومة عرفت كيف توجه لها الضربات الموجعة، وعرفت كيف تسقط صورة إسرائيل القوية التي لا تهزم، إسرائيل التي يعتقد الحكام العرب أن مواجهتها ضرب من الجنون لن ينتهي إلا بالانتحار أصبحت تهزم على أرض المعركة وعلى طاولة المفاوضات أيضا. ما تحقق في الصفقة أكثر من مجرد تبادل أسرى، فقد أصرت المقاومة على إعطاء العملية بعدا وطنيا فلسطينيا عندما شمل التبادل إطلاق سراح معتقلين من أراضي 48 والضفة والقطاع والجولان والشتات، ولم يجانب رئيس المكتب السياسي لحماس الصواب عندما قال إن الصفقة تعبر عن وحدة الوطن والشعب، وكل ما مثله هذا النصر من معاني يمكن أن تكون معالم على طريق المقاومة من أجل استعادة الحق الفلسطيني المغتصب، فلا وعود الكذابين في البيت الأبيض، والمنافقين في الاتحاد الأوروبي يمكن أن تعيد للفلسطينيين حقهم، بل أمر واحد هو تطبيق قاعدة بسيطة، أضربوا إسرائيل على رأسها بقوة حتى تعود إلى رشدها.