تجتمع اليوم وزارة الصحة بالقيادة الوطنية لنقابة ممارسي الصحة العمومية في جلسة الصلح، التي كانت مقررة ليوم الخميس الماضي، وتأجلت لنهار اليوم، وهي تأتي في الوقت الذي تعيش فيه الهياكل الصحية حالة من التذمر والإحباط، وقد تقدم الصفوف الأخصائيون، الذين اجتمع مجلسهم الوطني أمس في دورة طارئة، على هامش الإضراب الوطني المفتوح، الذي شرعوا فيه منذ ثلاثة أيام. وفق ما حصل مع النقابة الوطنية لأخصائيي الصحة العمومية، تعقد وزارة الصحة نهار اليوم جلسة صلح مع النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، التي تضمّ الأطباء العامين وأعدادا من الأخصائيين، والصيادلة، وجراحي الأسنان، ويُنتظر أن يُناقش الطرفان المطالب المهنية الاجتماعية المتبقية، ويتدارسوا أسباب تجميد ها على مستوى المديرية العامة للوظيفة العمومية، لاسيما وأن الجانبان كانا اتفقا على أرضية التعديلات المطلوبة، وتمّ إبلاغها إلى هذه الأخيرة. ومثلما تساءلت نقابة الأخصائيين عن أسباب تجميد مطالبها على مستوى الوظيفة العمومية، فإن نقابة الدكتور الياس مرابط هي الأخرى ستتساءل اليوم لا محالة عن نفس الأسباب، التي حالت دون حصولها حتى الآن على أية استجابة مرضية. ولاشك أن هذا الأخير والوفد المفاوض المرافق له وفق ما أدلى به أول أمس ل»صوت الأحرار« سيُعبر عن رفضه القاطع لاتّباع المديرية العامة للوظيفة العمومية لسياسة الكيل بمكيالين، وسيُطالب أن يُتعامل معهم وفق ما تمّ التعامل به مع أساتذة وعمال التربية الوطنية، ذلك أن الحكومة كانت أمرت بمراجعة وإعادة النظر في كثير من الأمور التي بُثّ فيها، ويأتي في مقدمتها القانون الأساسي الخاص، ونظام المنح والتعويضات. وحسب المؤشرات الحالية البادية للعيان من قبل المديرية العامة للوظيفة العمومية، وحتى من قبل الحكومة، فإنه حتى هذه اللحظة لا توجد إرادة حقيقية لتلبية المطالب، وإنهاء الأزمة المتواصلة رغم أن وزارة الصحة نفسها مُعترفة بمشروعية المطالب المرفوعة، ومتفهمة تمام الفهم أن تلبية المطالب المرفوعة يعني بالدرجة الأولى تقديم خدمة جليلة للقطاع من أجل النهوض الحقيقي والتحرك نحو الأحسن، وهذا الفهم السليم ليس حكرا على وزارة الصحة بمفردها، بل هو الفهم الذي تعتقده الوزارات الأخرى، حتى وإن كانت هي نفسها غير مقتنعة بالتوجّه للعدالة من أجل استصدار حكم » الإضراب غير شرعي وغير مبرر«. وقبل أن تشرع وزارة الصحة ونقابة ممارسي الصحة العمومية في جلسة اليوم، وحتى قبل أن يُفكر هؤلاء في الانضمام إلى إضراب الأخصائيين، وتُشل الهياكل الصحية بصفة شبه كاملة، فإن المرضى الذي التقت بهم »صوت الأحرار« في أروقة بعض العيادات، وفي مستشفى مصطفى باشا الجامعي بالعاصمة يتمنون أن لا يصل هؤلاء إلى الإضراب، لأن ذلك سيُكلفهم المزيد من الآلام والأتعاب، وأن معاناتهم من أمراضهم تكفيهم، وقال بعضهم، أن كثيرا من المرضى لاسيما منهم أصحاب الأمراض المزمنة والمستعصية الفحوصات والعلاج، لم يُسووا وضعياتهم حتى مع ما تسبب فيه الإضراب السابق. ومن الآن نقول أن أي إضراب يحدث بقطاع الصحة بعد إضراب الأخصائيين المتواصل سيزيد الطين بلة، وسيضاعف معاناة المرضى، وسيُعطي فرصا جديدة لتوسع مخاطر الأمراض، وما بالإمكان معالجته اليوم قد يصعب غدا، وتلك هي خطورة إضرابات مفتوحة من هذا النوع.