تأكيد الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية، عبد القادر مساهل، استنادا إلى تقارير استخباراتية ذات مصداقية، وجود العلاقة بين تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وحركة »بوكو حرام« النيجيرية ، يشير صراحة إلى التوسع الجغرافي لنشاط الفرع المغاربي للقاعدة وهو ما سيعقد من مهمة دول المنطقة في محاربة الإرهاب. ما كان يصنف ضمن التخمينات الإعلامية، أو التحاليل الأمنية غير الدقيقة، تأكد فعلا من خلال تقارير استخباراتية ربطت بشكل رسمي بين الفرع المغاربي للقاعدة وحركة »بوكو حرام« التي تنشط في نيجيريا وفي رصيدها عدد كبير من العمليات ضد أهداف داخلية وخارجية، وهو بالضبط ما تحدث عنه الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية، خلال الندوة الصحفية المشتركة مع مسؤول الدبلوماسية الموريتانية، حيث أكد عبد القادر مساهل أن تقارير للمخابرات تكشف عن وجود تنسيق بين جماعة »بوكو حرام« الإسلامية النيجيرية وفرع القاعدة المتمركز أساسا بدول المغرب العربي ومنطقة الساحل جنوب الصحراء الكبرى، مع الإشارة إلى أن مساهل استقى معلوماته من التقارير الاستخبارتية الداخلية أو تلك الواردة من دول المنطقة أو حتى من التنسيق مع دول غربية وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية، المهتمة أكثر بالإرهاب العالمي، خصوصا نشاط القاعدة بشمال ووسط إفريقيا، فضلا عن منطقة الساحل والقرن الإفريقي. وتعني تسمية »بوكو حرام« بلغة الهاوسا »منع التعليم الغربي«، وهي جماعة إسلامية نيجيرية مسلحة تزعم السعي إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في جميع ولايات نيجريا، المقسمة أساسا بين ديانتين هما الإسلام والمسيحية، وسميت هذه الجماعة ب »طالبان نيجيريا« وهي مجموعة مؤلفة خصوصا من طلبة تخلوا عن الدراسة وأقاموا قاعدة لهم في قرية »كاناما« بولاية »يوبه« شمال شرقي البلاد على الحدود مع النيجر، وإثر مواجهات جوان 2009 التي راح ضحيتها مئات أو آلاف الضحايا من المدنيين، أعلنت الحكومة النيجيرية أنها قتلت جميع أفراد جماعة بوكو حرام، بما فيهم زعيمهم محمد يوسف ونائبه أبو بكر شكاو عاود الظهور في خريف 2010، ويعتقد أن شكاو يعيش في الصحراء متنقلاً بين تشاد والسودان، للعلم فإن في رصيد حركة »بوكو حرام« العديد من العمليات الدامية في نيجيريا، خلفت عشرات الضحايا، ولعل أهم هذه العمليات الهجوم الانتحاري الذي نفذته في أوت الماضي ضد مبنى تابع للأمم المتحدة بالعاصمة النيجيرية أبوجا، ويخشى أن تتقوى شوكة هذا التنظيم مستقبلا بعد ارتباطها بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي. وجرى الحديث عن اتصالات بين تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي و»بوكو حرام « النيجيرية منذ فترة حيث كشفت استخبارات محلية وغربية عن هذه الاتصالات ضمن سعي الفرع المغاربي للقاعدة لتوسيع نشاطه في إفريقيا جنوب الصحراء وصولا إلى نيجيريا التي تتمتع بأهمية كبيرة بالنظر إلى حجمها السكاني وإلى كثافة المصالح الغربية خصوصا الشركات العاملة في قطاع المحروقات، يضاف إلى ذلك أن الوضع الخاص الذي تمر به نيجيريا بفعل الصراعات العرقية والحرب غير المنتهية بين المسلمين والمسيحيين يعد تربة خصبة للنشاط الإرهابي، حاول تنظيم عبد الملك درودكال استغلالها. وما يؤكد فعلا هذه الاتصالات التي تحدثت عنها الأجهزة الاستخباراتية المحلية والغربية النداء الذي كان قد وجهه منذ سنوات الأمير الوطني للفرع المغاربي للقاعدة عبد الملك درودكال، المكنى أبو مصعب عبد الودود، إلى المتشددين النيجيريين وعرض عليهم المساعدة قائلا: »إننا مستعدون لتدريب أبنائكم على التعامل مع الأسلحة ومساعدتهم كيفما أمكننا، سواء بالرجال أو الأسلحة أو الذخائر أو المعدات، لتمكينهم من الدفاع عن شعبنا في نيجيريا«، وهو ما جعل الباحث الفرنسي جان بيار فيليو واضع تقرير لصالح مركز »كارنيغي« الأمريكي للأبحاث بعنوان »هل يمكن أن تصبح القاعدة افريقية في الساحل؟«، يقول بأن نيجيريا أصبحت الشغل الشاغل للفرع المغاربي للقاعدة. ويشير التأكيد الرسمي لوجود علاقة بين تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وحركة »بوكو حرام« النيجيرية إلى المخاوف الجدية من أن التمدد المتواصل لنشاط الزمر الإرهابية المرتبطة بتنظيم درودكال، والخطر الذي يمثله على المنطقة، قد يزيد من قوة التنظيم الإرهابي ويضاعف من قوته عدة وعتادا، ويمنح له مجالا واسعا وحيويا للحركة واستغلال الفراغ الأمني الرهيب الذي تعاني منه دول إفريقية ضعيفة عسكريا واقتصاديا في جنوب الصحراء الكبرى، يذكر أيضا أن هذا الانتشار للفرع المغاربي للقاعدة يقدم مبررات كافية للتدخل الأجنبي خاصة الأمريكي والفرنسي بدعوى محاربة الإرهاب والتصدي للنفوذ المتزايد للقاعدة باعتباره تهديدا مباشرا للمصالح الغربية بالمنطقة.