دعا الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، أمس، الفعاليات الوطنية إلى »ضرورة التلاحم من أجل تعزيز جبهة الجزائر الداخلية لتقوية مناعتنا من الأخطار الأجنبية من خلال الاعتماد على التيار الوطني«، مؤكدا أن المرحلة تقتضي قيام الأكاديميين الباحثين بدراسات استشرافية مُعمقة لتأثيرات الظروف الحالية في الساحة العربية على الجزائر، استباقا لأية مُخططات أجنبية تستهدف استقرار الجزائر. توقف عبد العزيز بلخادم مُطولا عند مصطلح »الإسلامي السياسي« وأبعاد المحاولات الغربية ترسيخه كبديل للأنظمة المتهاوية في مقابل بروز أنظمة جديدة بالمنطقة العربية لفظتها ما اصطلح على تسميتها »الثورات العربية«، وتتخذ الإسلام المستلهم من الفكر الإخواني المعتدل كأساس لتأسيس أنظمة الحكم الجديدة. وبحسب بلخادم الذي أوضح أن حضوره في هذه الندوة شخصي بمركز الدراسات الإستراتيجية والأمنية تحت عنوان »الإسلام السياسي والتحولات السياسية العربية«، أن مصطلح »الإسلام السياسي« هو تسويق سلبي لصورة الإسلام، ومحاولات نعت الإسلاميين بعدة تسميات مختلفة تتوزع بين »الرجعي« و»المعتدل الوسطي، و»الظلامي« وغيرها..، كله مرتبط بالنسبة لعبد العزيز بلخادم بتوجه استراتيجي غربي يتزامن مع التحولات التي تعرفها الساحة العربية، لكن هذا التوجه يسير نحو مزيد من التعقيد مع انخراط الإعلام العربي بالخصوص في اعتماد التضليل التصويري. ورفض عبد العزيز بلخادم ربط الانتفاضات الشعبية ب »الربيع« تفاديا لإعطاء أحكام قَيْميَة للديمقراطيات التي لفظتها ما اصطلح على تسميتها »الثورات العربية«، مؤكدا أن الأحداث بدأت باحتجاجات صغيرة وتصاعدت وتيرتها، نتيجة غياب التنمية والعدالة الاجتماعية في الدول التي شملتها انتفاضات الشعوب، وقال »لا ينبغي تجاهل البعد الإسلامي خلال كل هذه الانتفاضات الشعبية«، لكن أبدى تساؤله: »ما حجم قوة الحركات الإسلامية إذا ما انعدم الدعم الغربي؟«. وفي سياق تحليله لأبعاد الحركة الإسلامية بالوطن العربي وامتدادها الدولي، اعتبر عبد العزيز بلخادم أن النموذج الماليزي الناجح يُشكل الاستثناء في تزاوج الدين مع السياسة لكن يتم إقصاءه بفعل مواقف مهاتير المناهضة للكيان الصهيوني، مؤكدا أن تصاعد تحليلات الخبراء مؤخرا بقابلية استنساخ النموذج التركي في الدول التي شهدت انتفاضات مؤخرا وعلى رأسها تونس، يُبرز مدى حرص الأطراف الدولية على إقصاء النموذج الماليزي في مقابل رضاها على التركي بزعامة أردوغان الذي لم يتوان في تبني القضايا العربية والتغلغل بقوة في الأنظمة الجديدة، وتابع يقول »الكل دخل في خانة إعادة الانتشار الإستراتيجي«. وفي موقف صريح، اعتبر عبد العزيز بلخادم أن السياسة التركية بعد أن كانت في تصاعد بفعل اعتمادها صفر مشاكل، تراجعت وبدأت تظهر مؤشرات تقهقرها جراء صفر ثقة، وبروز العودة القوية للحلف الأطلسي كفاعل ضمن الكبار، وسيظهر جليا أكثر في المرحلة المقبلة في حالة التدخل العسكري بسوريا، وأضاف »لابد من القيام بإسقاطات لقائمة الدولة المستهدفة على رأسها السودان، سوريا، ليبيا، اليمن، العراق، اليمن، وأخيرا الجزائر«، مما يحتم علينا تقوية جبهتنا الداخلية مناعة للإضرار باستقرار وطننا. ومن هذا المنطلق، حمّل بلخادم الأكاديميين والأساتذة الباحثين جزء من المسؤولية التي تقتضي ضرورة القيام بدارسات استشرافية معمقة، واستباق أية أجندات أجنبية، رغم عدم إغفاله الوعي الذي بلغه المجتمع الجزائري خاصة شبابه في التصدي للمخططات المشبوهة، وهو ما ظهر جليا بحضورهم القوي في شبكات التواصل الاجتماعي والترويج للتكاتف الوطني وضد التدخل الأجنبي في مشاكلنا الداخلية.