أوضح الدكتور بشير مصيطفى أن أزمة الديون السيادية الحاصلة حاليا في منطقة الأورو جاءت نتيجة تراكمات مرتبطة أساسا بالنظام الرأسمالي الذي قال إنه في ورطة، مشيرا إلى أن أصل هذه التراكمات راجع إلى الوعود الانتخابية للحكومات المتعاقبة وكذا عدم التوازن بين الخطاب السياسي والحقائق الاقتصادية مما يدفع، حسبه، إلى »الاستئناس بالديون الخارجية«. برأي الخبير الاقتصادي بشير مصيطفى »ليس هناك حلول نظرية لأزمة الديون السيادية« التي تمرّ بها الولاياتالمتحدةالأمريكية وكذا منطقة الأورو، مؤكدا أن الأمر يتعلق بمدى نجاعة الخطط الحكومية في مواجهة هذه الانعكاسات، وأضاف بأن الحاصل على جائزة »نوبل« للاقتصاد لهذا العام ردّ شهر أوت الماضي على سؤال بهذا الخصوص قائلا: »ليس لديّ إجابة عن الحلول اللازمة..«. وحتى وإن كان المتحدث أشار في ندوة مركز »الشعب« للدراسات الإستراتيجية إلى أن الأزمة لا تعني فقط اليونان ولا إسبانيا وإيطاليا وفرنسا، فقد ركّز تحليله بشكل أساسي على قضية الاختلالات الحاصلة على النظام الرأسمالي عموما من خلال اللجوء إلى بيع وشراء الديون في أسواق المال، وشرح بأن تراكم الديون أدى إلى العجز عن التسديد مثلما حصل مع اليونان وكثير من البلدان الأخرى، لافتا إلى أن 50 بالمائة من الديون السيادية عبارة عن »ديون فوائد وليس تراكم الديون«. وما يؤشر على الأزمة مثلا في اليونان التي كانت أول دولة تعرّضت لها هي تجاوز قيمة الديون السقف الأوروبي المحدّد ب 75 بالمائة من الناتج الوطني الخام، حيث وصل الدين في هذا البلد إلى 160 بالمائة، ما يمثّل 480 مليار دولار. وقد استغرب مصيطفى من كون ديون فرنسا تبلغ 2400 مليار دولار، أي بنسبة 80 بالمائة من الناتج الوطني الخام، ولكن لم تصلها الأزمة بمبرّر أن اقتصادها قويّ. وتأتي إيطاليا ثانية من حيث حجم الضرر على منطقة الأورو بديون تمثل 120 بالمائة من الناتج الوطني، وفسّر المتحدث الوضع بأنه »كلما كان الاقتصاد قويا كلما كان الوقع عليه ضعيفا«. إلى ذلك استفاض الخبير الاقتصادي في الحديث عن انعكاسات أزمة الديون في اليونان حتى وصل عجز في الميزانية السنوية إلى 12 بالمائة، أي أن الإنفاق تجاوز إيرادات الخزينة، في حين بلغ هذا العجز 9.2 بالمائة في إيطاليا و5.7 في فرنسا، مبرّرا عدم تأثر ألمانيا بالوضع إلى كونها معروفة بالحذر في سياستها الاقتصادية وتنويع الاقتصاد الصناعي. وتوقع المتحدث أن يكون مصير اليونان خارج منطقة الأورو إذا لم تنجح المرحلة الأولى من خطة الإنقاذ في حدود العام 2020، دون أن يستبعد وصول هذا البلد إلى الإفلاس ما يعني استغناء الدولة عن أوصلها ببيع الموانئ والمطارات..، وأشار إلى فشل المرحلة الأولى بقيمة 160 مليار دولار في ماي الماضي عقب انقضاء مهلة شهرين، ثم عدم قرّر الاتحاد طرح خطة ثانية ب 157 مليار دون جدوى مما دفع ألمانيا إلى المطالبة برحيل حكومة »باباندريو« مقابل ضخ خطة ثالثة بقيمة 111 مليار أورو.