تحول اعتقال سيف الإسلام القذافي إلى ورطة حقيقية للمحكمة الجنائية الدولية، فالمدعي العام للمحكمة مورينو أوكامبو، الذي ثبت كذبه بشأن الاتصالات التي ادعى أنه أجراها مع سيف الإسلام لتسليم نفسه، سيزور ليبيا اليوم لكن ليس لحث حكام ليبيا الجدد على تسليم المعتقل الذي صدرت بحقه مذكرة توقيف دولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، بل ليقول لهم عليكم أن توفروا محاكمة مقبولة لسيف الإسلام، وقبل أن يذهب أوكامبو إلى طرابلس سبقته المحكمة الجنائية الدولية التي قالت المتحدثة باسمها إن بإمكان السلطات الليبية الجديدة أن تحاكمه وفق الشروط والمعايير الدولية لكنها يجب أن تطلب تفويضا من الجنائية الدولية وعليها أن تحاكم على التهم نفسها التي تتابعه عليها محكمة لاهاي. ليس هذا فحسب، فالدول الغربية التي أسقطت نظام القذافي وفي مقدمتها فرنسا لا تطالب حكام طرابلس بتسليم سيف الإسلام للمحكمة، لكنها تحثهم على التعاون معها وعلى توفير معاملة إنسانية للمعتقل، وهذا التفاف واضح على القانون الدولي المزعوم، وعلى المحكمة التي لا يحترمها أحد، ولا تستطيع أن تلاحق إلا من غضبت عليه أمريكا، التي لا تعترف بالمحكمة، وأتباعها من الدول الغربية. هذه ضربة موجعة لمصداقية المحكمة، أما الضربة الأخرى فقد تلقاها العهد الجديد في ليبيا، فالذين اعتقلوا سيف الإسلام هم من مسلحي الزنتان وهم يرفضون تسليمه للسلطات في طرابلس، ويقولون إنهم لن يفعلوا ذلك إلى غاية تشكل نظام قضائي، وهذا يعني ببساطة أن ليبيا دخلت مرحلة اللادولة بعد أن بقيت في عهد القذافي في حالة لانظام لفترة فاقت أربعة عقود، فهناك فصائل مسلحة تسيطر على مناطق من البلاد، وكل من حصل على غنيمة أو اعتقل شخصا يتعامل معه كملكية شخصية، والأخطر من هذا هو أن المعنيين يقولون صراحة إنه لا وجود لنظام قضائي في ليبيا اليوم، وهذا يجعل الحديث عن المحاكمة العادلة أمرا مثيرا للسخرية. هذا هو الوضع الذي آلت إليه ليبيا، وهو الوضع الذي يريد بعض الإعلام العربي تقديمه على أنه نجاح باهر لما يسمى الثورة.