قرّرت جبهة القوى الاشتراكية المشاركة رسميا في الانتخابات التشريعية المقبلة بعد فترة من التردّد والأخذ والردّ انتهت إلى اعتماد المجلس الوطني المنعقد أمس في دورة طارئة خيار وضع حدّ لسنوات من المقاطعة. ويُعتبر موقف الأفافاس بمثابة »ضربة قاضية« للتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الذي أعلن في وقت سابق أنه لن يكون معنيا باستحقاق 10 ماي المقبل. أنهى حزب جبهة القوى الاشتراكية شهورا من الترقّب بإعلانه أمس قراره دخول معترك التشريعيات، حيث أبلغ الأمين الوطني الأوّل، علي العسكري، الصحفيين في تصريح له على هامش أشال الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني أن خيار المشاركة جاء من أجل »إعادة الحركية للنشاط السياسي داخل المجتمع«، مضيفا أن هدف »الأفافاس« من ذلك يكمن في ما أسماه »التعبئة السلمية والسياسية للجزائريين والجزائريات لإعطاء حركية ووضع حدّ للجمود السياسي والمؤسساتي..«. وكانت الرسالة التي بعث بها الزعيم التاريخي لأقدم حزب معارض في الجزائر أكثر وضوحا، وقد اعترف فيها حسين آيت أحمد أنه حسم في أمر المشاركة منذ مدة »موقفي بخصوص هذه الانتخابات كان محسوما منذ فترة، لقد أردت فقط جسّ النبض على مستوى الحزب ومعرفة موقف المناضلين قبل أن أعلن عنها«، دون أن يتوان في الإشادة بثبات مواقف مناضلي حزبه في ما وصفه ب »الظروف السياسية الأكثر قساوة«، لافتا إلى أنه تابع باهتمام انشغالات ونقاشات المناضلين »وقد وجدت نفسي متوافقا بين قناعاتي والقرار الذي اتخذته«. وأشار آيت أحمد في رسالته إلى أنه منذ عام طرح الكثير التساؤلات: »لماذا لا تقوم الجزائر بنفس ما قامت به بلدان المنطقة؟« لكن وجهة نظره تبدو صريحة لدى تأكيده: »هناك طريقة واحدة للجزائر من أجل التخلّص من الديكتاتورية كما كانت هناك طريقة واحدة للتحرّر من الاستعمار«. ويحصر هذه الطريق في »التغيير السلمي«، قائلا: »إذا كانت الطريقة السلمية قد فشلت في تحرير البلاد من الاستعمار الفرنسي تاركة مكانها للكفاح المسلّح، فإن طريق العنف فشلت في تحرير البلاد من الديكتاتورية«. وأمام حديثه عن التهديدات التي يفرضها الخارج، فإن الزعيم حسين آيت أحمد، وهو أحد الوجوه المعروفة في ثورة التحرير، أورد في رسالته أمس أن ذلك فسح الطريق أمام »النضال السياسي السلمي بكل كما تحمله هذه الكلمة من معنى«، مضيفا في هذا الشأن: »العنف الذي اعتمده النظام هو الذي فشل. عنف السطو على السلطة عن طريق القوة. عنف قمع الحريات وانتزاع الحق من الجزائريين بتنظيم أنفسهم، وعنف الإقصاء السياسي والاقتصادي والثقافي..«. وكانت كل المؤشرات تؤكد أن جبهة القوى الاشتراكية تتجه نحو مشاركة هذا الحزب في التشريعيات خصوصا بعد قرار الغريم »الأرسيدي« بالمقاطعة، وزادت رسالة آيت أحمد التي بعث بها إلى المشاركين في أشغال »الاتفاقية الوطنية« يوم 17 فيفري الماضي من احتمال تطليق المقاطعة حيث كانت الخلاصة البارزة فيها أنه من الضروري الذهاب نحو المشاركة في التشريعيات بقوله: »إن مقاطعة الانتخابات المقبلة لا تشكل بديلا فعالا عن المشاركة«. ويجدر التذكير بأن آخر انتخابات تشريعية شارك فيها »الأفافاس« كانت في العام 1997، قبل أن يقرّر مقاطعة كل من انتخابات 2002 و2007 مع حصر المشاركة في الانتخابات المحلية فقط. وبذلك سيساهم القرار المتخذ خلال دورة المجلس الوطني في تفعيل الحراك السياسي في منطقة القبائل على وجه الخصوص التي تعتبر المعقل الرئيسي لحزب »الدا الحسين«، يضاف إلى ذلك مشاركة حزب الحركة الشعبية الجزائرية الذي يقوده عمارة بن يونس ما يعني أن التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية قد تلقى الضربة القاضية.