بدأت الحملة الإنتخابية لتشريعيات العاشر ماي القادم، بمشاركة 44 حزبا سياسيا وأكثر من 200 قائمة حرة لأول مرة في تاريخ الجزائر المستقلة. إن المنافسة انطلقت من أجل 462 مقعدا في المجلس الشعبي الوطني القادم، وهي منافسة تكاد تكون غير مسبوقة من حيث الرهانات المطروحة والتحديات المرفوعة، سواء بالنسبة لمكانة الأحزاب أو بالنسبة لمصير البلاد. وإذا كانت أهداف الأحزاب التي دخلت معترك التشريعيات تتباين وتختلف من حيث المبدأ والوسيلة، فإن هناك من الأحزاب من يريد إثبات الوجود، مثلما هو الشأن بالنسبة للأحزاب المعتمدة حديثا، بينما هناك من الأحزاب من يريد تكريس تجذره وتوسيع انتشاره، كما هو حال الأحزاب الكبرى، وفي مقدمتها الأفلان الذي يجد نفسه أمام رهان الحفاظ على المكانة الريادية في الساحة السياسية الوطنية. إن التشريعيات القادمة تشكل من هذا المنظور فرصة جدية، سواء للأحزاب التي يتعين عليها إظهار نضجها في الممارسة السياسية التعددية من أجل كسب ثقة المواطن، من خلال إقناعه بالتصويت أولا وبالاختيار بين البرامج والأشخاص ثانيا، كما هي فرصة للسلطة لتأكيد مدى جديتها وقدرتها على تنظيم انتخابات حرة، ديمقراطية، شفافة ونزيهة، وذات مصداقية. إذن فأولى المهام المنوطة بالأحزاب والسلطة معا، هي أن تتم الانتخابات في ظروف جيدة، والقيام بحملة انتخابية ناجحة، ترتكز على التنافس الشريف بين مختلف الفعاليات المشاركة فيها، ويكون قوام هذه الحملة التنافس على خدمة المواطن والوطن. ولعل هذا الهدف لن يتحقق أو يكون له معنى، إلا من خلال محاولة الأحزاب جميعها وضع نصب أعينها الاستجابة قدر الإمكان لحاجات المواطن الأساسية المتمثلة في ضمان الأمن والاستقرار وتوفير العمل والسكن والتعليم والصحة، ومحاربة الفساد وكافة الآفات الاجتماعية التي باتت تنخر كيان المجتمع وتهدد مستقبل البلاد. وإذا كان المأمول من هذه الحملة الانتخابية هو أن ترقى الممارسة السياسية إلى مستوى تحديات المرحلة وتطلعات الشعب الجزائري الذي يخطب وده اليوم هذا الكم من الأحزاب بمناسبة هذا الموعد الانتخابي، فإن ما يلفت الانتباه حقا هو دخول الأفلان هذا المعترك بالجدية المطلوبة وبالأمل المعقود على إنجاح قوائم الحزب العتيد، والتي أضحى يلتف حولها الإطارات والمناضلون، بعد حصول ما الاتفاق بين الأطراف الأفلانية، بما في ذلك التي عبرت عن عدم رضاها على تركيبة ونوعية القوائم التي أعدتها قيادة الحزب.• إن مسألة تغليب مصلحة الحزب على كافة المصالح الأخرى، هي السائدة في صفوف الأفلان، الذي انطلق في حملته الانتخابية من الجنوب الجزائري الكبير، حيث شرع الأمين العام عبد العزيز بلخادم في الإشراف على المهرجانات الشعبية لولايات المنطقة الصحراوية للدعوة أولا إلى المشاركة المكثفة في التشريعيات القادمة، وثانيا للتصويت لصالح قوائم مرشحي الحزب العتيد، ضامن الاستقرار السياسي والتوازن الاجتماعي للبلاد، والحامل للأمل في مستقبل آمن ومزدهر للشعب. وليس صدفة أن يأتي البرنامج الانتخابي لحزب جبهة التحرير الوطني رافعا لشعار معا من أجل جزائر الاستقرار والازدهار ، فالبرنامج الذي يعرضه الحزب على الشعب والناخبين على الخصوص في تشريعيات العاشر من ماي، يطمح إلى تقديم أجوبة مرضية لانشغالات المواطنين، ويحاول التكفل بمطالبهم المشروعة المتعددة، مستندا في ذلك على تجربته الطويلة في ميادين التسيير والإنجاز، وعلى رصيده الذي لا يريد أن يغامر أو يقامر به أيا كان مهما كانت مكانته وموقعه. إن الرهان إذن، معقود على مدى جدية البرامج المطروحة ونوعية القوائم المقترحة على الناخبين، من أجل إنجاح الموعد التشريعي المقبل، بدءا من إقناعهم بالتوجه بكثافة إلى صناديق الاقتراع لأداء الواجب الانتخابي الذي هو حق قبل كل شيء لأي مواطن غيور على بلده، محبا لوطنه الذي لا بديل عنه لأي جزائري، ومرورا بكسب ثقة الشعب، وصولا إلى جعله يختار بكل حرية وسيادة وديمقراطية من يمثله في المجلس المقبل.