يعد شهر رمضان، مصدرا هاما لكسب الرزق، لا يعوضه شهر آخر في السنة، للعائلات المعوزة منها على وجه الخصوص، التي تدبر مصدر رزقها بالاعتماد على سواعد بناتها ونسائها، ولا يتم هذا دون تحضير مختلف متطلبات المائدة الرمضانية والمتمثلة أساسا في الحريرة أو الشربة، "الديول" و"القطايف" دون أن ننسى الخبز التقليدي، حاولنا تسليط الضوء على بعض العائلات العاصمية التي حولت بيوتها إلى ورشات حقيقية لصنع تلك السلع التي لا تستغني عنها العائلات الجزائرية خلال هذا الشهر الفضيل• عصام • ص مع حلول الشهر المبارك من كل عام، تشمر النسوة عن سواعدهن لمدة 30 يوما دون توقف، تستهلكن خلالها كميات معتبرة من مادتي الدقيق والفرينة، لصنع أشهى ما تجود به أيديهن، كما تحرص كل عائلة على أن تتوجه بمنتجاتها التقليدية كل يوم الى الأسواق الشعبية، أو محلات البقالة من أجل تسويق أكبر كمية ممكنة من السلعة، فالسيدة "زينب" 50 سنة، تمكنت في ظرف 6 سنوات من إعادة الاعتبار إلى بيتها، حيث التقينا بها عند أحد المحلات بحي "بازيطا"، بباب الوادي، وهي تتأهب لتسليم سلعتها للتاجر، ولما سألناها عن الأمر، أجابتنا بكل صراحة أنها تعكف على تحضير "الديول" منذ أكثر من 6 سنوات، اعتادت خلالها على التعامل مع بائعين في الأسواق الشعبية من أجل تسويق منتوجها، وأضافت السيدة، أن "الديول" مكنتها من تغطية مصاريفها الخاصة بدل لاستعانة بزوجها التي تساعده أحيانا في تغطية مصاريف الأولاد ومستلزمات البيت، كما تقول أنها تستغل فرصة شهر رمضان من كل سنة من أجل مضاعفة مكسبها،و تعترف أنها سعيدة بذلك• مما لا شك فيه، هو أن هؤلاء النسوة يشتركن في هدف واحد، هو جمع الأموال خلال الشهر الكريم، وعلى غرار صناعة "المطلوع" و"الديول"، بعضهن اهتدين إلى بيع المأكولات على الرصيف، فبيت "خالتي زهور"، المتواجد بقلب مدينة تيبازة، تحول إلى ورشة تخصصت في "البوراك" المحشو بمختلف أنواع السمك وكل الأصناف البحرية، حيث يقصده كل أبناء الولاية وحتى من خارجها، كالبليدة والجزائر، فالكل يتزاحم في رمضان من أجل بوراكة "خالتي زهور" التي تنحدر من عائلة بحرية، تقتات من مهنة الصيد، والكل ينتظره وهو يطهى دقائق قبيل موعد الإفطار، هذا وصرحت "خالتي زهور" أنها لم تكن تتوقع قط أنها تحقق كل هذا النجاح، كونها دخلت التجربة من باب الفضول• من المؤسف أن نلمس في عماد الأمة، عزمه وإسراره على التقدم، لكن نحو الخلف، فالشباب يفضل البقاء في البيت طيلة اليوم، مضيعين بذلك أوقات العمل والعبادة المطالبين بها، أو كما قال البعض تفاديا للجوع والعطش ورؤية المناظر غير اللائقة• وفي استفسارنا عن خمول بعض الشباب في شهر رمضان، أعرب لنا "زبير" الذي يبلغ من العمر23 سنة ويعمل كعون أمن في شركة خاصة، أنه يفضل أخذ عطلته السنوية في شهر رمضان، كي يلزم البيت فيقضي غالبية الوقت نائما، تجنبا لرؤية ما يخدش الحياء، ويقصد بذلك لباس الفتيات الفاضح في هذا الشهر، أما "حمزة" 24 سنة وهو طالب جامعي، لم يخالف ما قاله "زبير"، إلا أنه أشار إلى نقطة مهمة وهو أنه يفضل النوم حتى يتحاشى كل احتكاك مع العالم الخارجي، الذي برأيه يتحول أفراده إلى وحوش، يكفيك فقط النظر إليهم حتى يلقوا عليك وابلا من الكلمات الرذيلة، محتجين بذلك أنهم في حالة صوم !