شعرت السلطات العمومية فعلا بخطورة حوادث المرور في الجزائر، لذلك هناك تفكير جدي في جملة من التدابير والقوانين الردعية بشكل أكبر من تلك التي تم إقرارها قبل أربع سنوات حينما تم التشديد على " حزام الأمن " وجعل السائق يدفع ثمن خطأ لم يرتكبه في حالة ما إذا كان الجالس في المقعد الأمامي لم يضع حزام الأمن. والحقيقة أن التفكير في حزام الأمن بشكل مفرط، يعني أن التفكير انصب حول التقليل من عدد " القتلى " وليس من عدد الحوادث. وكان طبيعيا أن تنزعج السلطات العمومية من عدد القتلى المرتفع حيث أصبحت الجزائر تحتل المرتبة الرابعة عالميا، بتعداد سكاني لا يتجاوز 35 مليون نسمة، وبعدد سيارات لا تتعدى 4 ملايين سيارة. ومع ذلك احتلت الجزائر مرتبة أسوأ من الهند وأسوأ من الصين ذاوت 1.5 مليار نسمة. وأسوأ من المملكة العربية السعودية التي يفوق عدد السيارات فيها عدد السيارات في الجزائر. فإذا كانت 4 ملايين سيارة تعني معدل سيارة لكل عائلة جزائرية، فإن في المملكة العربية السعودية هناك معدل ثلاث سيارات لكل عائلة. وعندما تناقشت مع أحد الأصدقاء عن سبب منع المرأة من السياقة في المملكة، قال ملاطفا : " إن ذلك ليس بسبب ثقافة قديمة كما تقولون، أو بسبب تفسير ديني خاطئ كما تزعمون، إنما خوفا من تضاعف عدد السيارات ". فهمت حينها أنه لو كان مسموحا للمرأة بقيادة السيارة في السعودية – وهو حقها الطبيعي - لأصبح المعدل " سيارة لكل بالغ " أي نحو 6 سيارات لكل عائلة. ومع ذلك فإن حوادث المرور تقل بشكل كبير عن الجزائر. 4 ملايين سيارة في الجزائر، تحولت إلى 4 مليون قاتل، كل سيارة عبارة عن " مشروع " إرهابي. وبدون شك، فإن المتسبب الرئيسي هو " السائق " ، لأن هناك فراغ قانوني أو تشريعي، فعندما يصيب أي سائق متهور سيارتك سوف تشرع في الخصام معه، كرد فعل طبيعي وإنساني. لكنه يبادرك بالقول " دير كوستا .. كاين لاسيرانس ". وبالفعل حينها، سيضطر الضحية إلى أخذ سيارته إلى ورشة التصليح، ولن تعود السيارة مثلما كانت أبدا، وسوف " يتمرمد " طيلة المدة التي يقضيها بدون سيارة في الحافلات وسيارات الأجرة ، وتقوم شركة التأمين بالتعويض. أما السائق المجرم ، " الإرهابي " فلا يحدث له أي شيء، فلماذا لا يكرر نفس الحادث تحت شعار "كاين لاسيرانس ". إن شركات التأمين يجب أن تعوض للمتضرر ما في ذلك شك، لكن المتسبب في الحادث، يجب أن يمر على العدالة، لينال جزائه في كل الحالات. [email protected]