جرت الولاياتالمتحدةالأمريكية الاقتصاد العالمي للوقوف على اخطر منزلق عرفه العالم منذ إسدال الستار على ثنائية كوارث الحرب الكونية ، وجعلته في حالة من التأهب القصوى لمجابهة الأسوأ اقتصاديا في خاتمة العشرية الأولى من الألفية الثالثة. وثقافة المغامرة السائدة في الرأسمالية الأمريكية ، حركت كل حواس المغامرين ، ودعتهم إلى اللعب بقوانين المال ومحركات توظيفه،رغبة في تحقيق مكاسب سريعة، تضاعف الرأسمال أضعافا مضاعفة ،على حساب الأمن الاقتصادي العالمي المرتبط برباط غليظ مع مؤسسات المال الأمريكي، ورمزها الأشهر "وول ستريت". والمغامرة التي يدفع العالم ثمنها ،رغما عنه، هي اختصار لعبث البنوك الأمريكية التي أفرغت كل سيولتها ،ووزعتها على شكل قروض بلا ضمانات ،للاستثمار في مجالات الرهن العقاري الذي مني بضربة قاصمة هزت أسواق "وول ستريت" وشلت أسواق الأوراق المالية في بورصات لندن وباريس وميونخ وبرشلونة وطوكيو وموسكو والقاهرة والرياض ودبي والكويت والمنامة ..و..و . . واقتصاديات العالم مرتبطة مصيريا بواقع الاقتصاد الأمريكي رغما عنها ، بما فيها اقتصاديات الدول الكبرى في أوروبا واسيا وأمريكا الجنوبية ، وأي خلل يضرب الثوابت الأمريكية يؤثر سلبا على دول العالم اجمع ،ويهدد أمنها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي . وأزمة الرهن العقاري ،التي كشفت الغطاء المالي للبنوك الأمريكية الكبرى ، كفيلة بتعطيل كل مؤسسات المال في عواصم العالم،وجرها إلى تقبل خسائر مالية خيالية، تضطر إلى تعويضها من خزائن الثروة القومية ، واحتياطياتها المالية. وسارعت جل دول العالم إلى تقديم جزء من خزائن أموالها وإيداعها في البنك المركزي الأمريكي ،أو شراء أسهم مصارف قاربت على إعلان إفلاسها في محاولة يائسة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الاقتصاد الأمريكي الذي يجر كل اقتصاديات العالم دون استثناء إلى الاقتراب شيئا فشيئا من الإفلاس الذي يعد اخطر مظهر لانهيار كيانات كبرى . وبحساب عربي بسيط ،يكشف محاسب بسيط أن مجموع الفوائض المالية العالمية مجتمعة لا تكفي لتغطية العجز المالي الأمريكي المتمثل بأكثر من"665" تريلييون دولار،وهو مبلغ يفوق حجمه ما تتلقاه المملكة العربية السعودية من جراء بيع نفطها على مدى أكثر من خمسين عاما،علما أن السعودية تمتلك اكبر طاقة إنتاجية في العالم. وتبقى أزمة المال العالمية المصممة بمقاسات أمريكية، أقرب إلى الخيال الأسطوري، وأغرب مكيدة لجذب فوائض المال التي تغطي بها دول العالم سقفها الأمني من ويلات الدهر ، وإيداعها في واشنطن ونيويورك دون سواهما.