أكد وزير التربية الوطنية أبو بكر بن بوزيد إمكانية تحرير ما يقارب نصف مليون جزائري من آفة الأمية مع نهاية جوان المقبل، في إطار الإستراتيجية الوطنية لمحو الأمية التي أطلقتها الحكومة في 23 جانفي 2007 والتي تستهدف القضاء النهائي للأمية في الجزائر والتي تقدر نسبتها حاليا ب21 بالمائة مع نهاية سنة 2016، وقال الوزير إن الحكومة رصدت 260 مليار سنتيم لمحو الأمية في الميزانية السنوية لسنة 2009. شكل موضوع محو الأمية بأبعاده المختلفة محور نقاش في يوم برلماني نظمته أمس الغرفة البرلمانية الأولى بمشاركة مختصين وخبراء ونواب من البرلمان بغرفتيه، من خلال التطرق لأسباب تفشي الأمية في المجتمع الجزائري والمرور بأهم المخططات والاستراتيجيات الوطنية لمحاربة الآفة منذ الاستقلال والعوامل التي كانت وراء محدودية النتائج المحققة والتي جعلت الأمية في الجزائر وبعد مرور 47 سنة على الاستقلال تحاصر ما يزيد عن 6 ملايين جزائري، ووصولا عند الإستراتيجية الوطنية لمحو الأمية التي أطلقتها الجزائر في جانفي 2007 والتي تراهن من خلالها على القضاء بشكل نهائي على الآفة مع نهاية سنة 2016، كما كانت الأمية الوظيفية بدورها أحد المواضيع التي تم التطرق إليها في اليوم البرلماني من خلال دراسة مقارنة أعدتها عائشة بن عمار. وعن أسباب التي وضعت الجزائر في خانة الدول التي تعاني من آفة الأمية فقد حددها وزير التربية الوطنية في مداخلته في سببين رئيسيين، الأول يتمثل في الاستعمار الذي خلف نسبة أمية تتجاوز 95 بالمائة، والسبب الثاني هو تزايد عدد الأميين في فترة ما بعد الاستقلال بسبب عدم الاستمرار في تجسيد الخطط الوطنية لمحو الأمية، لكن وجود 6 ملايين و400 ألف أمي في الجزائر حاليا لا يعني إغفال وتجاهل الجهود التي بذلت في سبيل القضاء على الأمية من وجهة نظر الوزير، مذكرا بأهم الخطط التي طبقتها الجزائر منذ السنوات الأولى للاستقلال وما حققته من نتائج، وقال إن هذه النتائج كانت محدودة نوعا سنوات الثمانينات بسبب سلم الأولويات الذي فرضته الأزمة المالية العالمية والظروف الاقتصادية آنذاك، إلى جانب الأزمة الأمنية التي عرفتها البلاد في العشرية المنقضية والتي ساهمت بدورها في رفع نسبة الأمية خاصة في الوسط الريفي والمناطق النائية ولا سيما بالنسبة لفئة الفتيات والتي جعلت نسبة الأمية لديهن ضعف النسبة عند الذكور، وأكد الوزير أن نسبة الأمية في تراجع لكن يجب تكثيف الجهود بشكل خاص في اتجاه النساء والمسنين وسكان الأرياف. ومن وجهة نظر بن بوزيد فإن الجزائر وتفاديا لتكرار تجارب لم تكن ناجحة بالقدر المطلوب كان قرار التوجه نحو استراتيجية وطنية رصدت لها الحكومة الغلاف المالي الضروري والوسائل اللازمة من أجل القضاء نهائيا على الأمية في ظرف 10 سنوات، أي مع نهاية 2016 بإمكان الجزائر تجاوز هذه الآفة التي أصبحت عقبة حقيقية أمام التنمية والإقلاع الاجتماعي والاقتصادية للبلاد، فضلا عن أن أحد الأسباب التي تجعل الشباب فريسة سهلة المنال للتوظيف والاستغلال من قبل شبكات الإجرام والجماعات الإرهابية، وأشار الوزير إلى أن الحكومة رصدت خلال الموسم الحالي 260 مليار سنتيم لمحو الأمية بعدما كانت الميزانية لا تتجاوز 9 مليار سنتيم سنة 2007، وأن التركيز سيكون على الولايات الأكثر تضررا من الآفة والتي تتجاوز فيها نسبة الأمية 40 بالمائة وهي 10 ولايات. وحسب الإحصائيات الرسمية التي قدمها الوزير فإن ومع نهاية شهر جوان المقبل فإن الجزائر ستكون قد حققت الخطوة الأولى في الإستراتيجية الوطنية لمحو الأمية وهي تحرير 434719 جزائري من الأمية أي ما يقارب نصف مليون جزائري، 361766 منهم نساء، في ظرف لا يتجاوز سنتين من إطلاق الإستراتيجية، ومن بين العراقيل التي تواجه العملية حسب الوزير نقص المدرسين الذين يقومون بالعملية، معتبرا أن توظيف الوزارة ل8000 عون متعاقد مكلف بمحو الأمية هو عدد غير كاف لأن المطلوب حوالي 21 ألف عون، مشيدا بالمساهمة الفعالة لوزارتي التضامن الوطني والأسرة والجالية الوطنية في الخارج، ووزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي في هذا الإطار، كما أشار إلى الصعوبة التي تواجهها العملية على مستوى الأرياف لإقناع النساء بالتمدرس قائلا"نحتاج إلى نساء لإقناع النساء بالالتحاق بأقسام محو الأمية"، مبرزا في المقابل أن محو الأمية هي قضية مجتمع وليست قضية قطاع التربية وحده.