قرأت في الصحف الصادرة أمس عن ندوة إعلامية نظمت على هامش العكاظية الجزائرية، واستوقفني المنحى الذي أخذته طروحات المتدخلين بخصوص معالجة مختلف القنوات الإعلامية والفضائيات العربية للعدوان الصهيوني على غزة، حيث خلص المتدخلون إلى أن " المنار " التابعة لحزب الله، كانت أكثر حيادية من قناة العربية والجزيرة في التعاطي مع العدوان البشع. وقد استدل المتدخلون في تحليلهم بالإسرائيليين الذين يتابعون " المنار " ويعتبرونها أكثر مصداقية ويثقون فيها أكثر من إعلامهم. ومع التقدير لأراء المتدخلين وأصحاب الطرح، فلابد من القول أن حياد " المنار " أملته حيثيات سياسية خاصة بحزب الله، فهو لم يشأ التورط في قضية لا تعنيه بشكل مباشر تجنبا لأي انعكاس سياسي سلبي داخليا وخارجيا. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، يجب القول أنه خلال الحرب لا يمكن أن يكون الإنسان أو الصحفي محايدا، خاصة إذا كانت الحرب التي تدار رحاها حربه ، ويزداد التزامه بتحقيق النصر إذا كانت حربه المقدسة. ومن هذا المنطلق يمكن القول أن الحياد في الحرب المقدسة هو الخيانة. إن هذا الكلام ليس تحاملا على المنار، التي لم تكن محايدة في العدوان الصهيوني على جنوب لبنان عام 2006 ، فهي نموذج حقيقي للإعلام المقاوم، ولكن دفاعا عن قناة الجزيرة، التي فضلت التخندق مع المقاومة الإسلامية حماس. وفي الشق الثاني، لقد لاحظنا كيف أدى الحياد، حيث لا يجب أن يكون الحياد ، بقناة العربية إلى تأييد طروحات إسرائيلية على حساب القضية العربية المركزية للأمة. إن القنوات الفضائية والتلفزيونات ومختلف وسائل الإعلام، عادة ما تتحول إلى جندي يخوض المعركة، وعادة ما تصل الجيوش إلى ساحة المعركة بعد أن تكون القنوات الفضائية والصحافيين قد حسموا النصر لصالح هذا أو ذاك. لقد شاهدنا ذلك فعلا وعشناه في حرب 1991 على العراق، ثم في حرب 2003 ، وفي حرب تموز 2006 ثم العدوان على غزة 2009. لم نر أي قناة أمريكية أو صهيونية ملتزمة الحياد، فكيف نطالب من قنوات عربية أن تلتزم الحياد الذي لا يعني سوى الإنحياز لإسرائيل ؟