كشفت ثلاث دراسات أعدتها مؤسسة "إيكوتيكنيك" لفائدة تنظيمات الباترونا الوطنية، أن المؤسسة الاقتصادية الجزائرية ما تزال في نقطة الصفر بالرغم من الجهود التي بذلت خلال ال 20 سنة الماضية من أجل النهوض بهذا القطاع، إلا أن المؤسسة الاقتصادية ما تزال تواجه نفس التحديات التي كانت مطروحة في بداية انفتاح الاقتصاد الوطني على الخارج والمتمثلة في المنافسة غير الشريفة، السوق السوداء، والاستيراد. الدراسات التي عرضت بمناسبة لقاء نظمته فدرالية الباترونا مؤخرا، تناولت ثلاثة مواضيع أساسية تتمثل في انعكاسات عملية الانفتاح على الاقتصاد الوطني، السوق السوداء وضعف الحماية للاقتصاد الوطني، حيث أجمعت هذه الدراسات على أن عملية الانفتاح على الاقتصاد العالمي لم تكن مدروسة بالشكل المطلوب كتأهيل المؤسسة، تصفية الديون، تجديد تجهيزات الإنتاج، فهذا الواقع المأساوي للمؤسسة زادته السوق السوداء والمنافسة غير الشريفة السائدة في السوق الوطنية صعوبة، وهو ما جعل المؤسسة الجزائرية تدور في حلقة مفرغة بالرغم من الجهود التي بذلت من أجل تجاوز هذا الوضع الصعب، وبالرغم من الدعم الذي بذلته السلطات العمومية لمرافقة عملية الانفتاح. وحسب ذات الدراسات، فإن هذا الوضع ترجم عمليا باستحواذ السوق السوداء على حصة هامة من السوق الوطنية، حيث أصبحت تشغل ما لا يقل عن مليوني شخص ولجوء البلاد إلى الاستيراد المفرط للسلع والخدمات، وهو ما نجم عنه انخفاض في الأسعار وسوء التوزيع وصعب من مهمة المؤسسة الاقتصادية الجزائرية في التأقلم مع الوضع الجديد"، وهو ما أكده رئيس الوزراء تصريحات سابقة، بأن المؤسسة الاقتصادية الجزائرية ابتلعت ما لا يقل عن 35 مليار دولار خلال العشرين سنة الماضية، وهذا بهدف مسح ديونها ومكشوفاتها البنكية وتأهيلها، حتى تكون قادرة على المنافسة، لكن النتيجة كانت مخيبة للآمال ولم تحقق الأهداف المرجوة منها. وأمام هذا الوضع الصعب للمؤسسة الاقتصادية، تبنت السلطات العمومية خيار الخوصصة والشراكة من أجل تجاوز هذا الوضع الصعب، لكن حتى عملية الخوصصة لم تحقق النتائج المنتظرة منها، حيث لم تتمكن البلاد من خلال وزارة الصناعة وترقية الاستثمار من الذهاب بعيدا في العملية، حيث لم تسفر العملية إلا عن خوصصة حوالي 400 مؤسسة فقط من النوع المتوسط منذ انطلاق العملية سنة 2001، أما باقي المؤسسات فما تزال تعاني من نفس الصعوبات، لكن بعض المعلومات المتداولة تفيد بأن الدولة قد تلجأ في "مرة أخيرة" إلى الخزينة العمومية لمسح الديون وضمان انطلاقة جديدة لها. وبرأي الباترونا وبعض التنظيمات الاجتماعية والنقابية، الحل يكمن في تعطيل اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوربي وتأجيل الانخراط في المنظمة العالمية للتجارة وتأهيل المؤسسة الجزائرية ورفع مستوى الحماية للاقتصاد الوطني، لكن الواقع يقول برأي العديد من المختصين "أن المؤسسة الاقتصادية الجزائرية لا تتوفر على أدنى الشروط التي تجعل منها مؤسسة اقتصادية حقيقية، قادرة على الإنتاج وخلق الثروة المضافة والمنافسة"، مما يعني أن المطالبة بتأجيل الانفتاح على الاقتصاد العالمي هو المطالبة بالإعدام للمؤسسة الاقتصادية الجزائرية.