أثارت الأخصائية النفسانية، زهرة بوكاعولة، قضية هامة جدا، هي أن الكثير من الأطفال والمراهقين على مستوى مراكز إعادة التربية يتعلمون أشكالا أخرى للعنف والإدمان من آخرين يؤثرون على تفكيرهم على مستوى نفس المركز، وهذا ما يعرف في علم النفس الاجتماعي بتأثير "قادة الرأي"• وعلى هذا الأساس، حبذت الأخصائية النفسانية تقسيم المساجين حسب درجة الجنح بالنسبة لمراكز إعادة التربية وكذا بالنسبة لمراكز علاج المدمنين، إذ وحسب التجربة اليومية والمعاينة الدائمة أثبتت أن بعض الحالات تتضاعف تورطها مع المخدرات بالاحتكاك القوي مع الأكثر إدمانا، وهذا الأمر ليس مقتصرا على القصر فقط وإنما هو الحال للمساجين البالغين• وفي هذا السياق، طالب السيد حمديني، رئيس المنظمة الوطنية لرعاية وإعادة إدماج المساجين في لقاء مع "الفجر" تصنيف المجرمين حسب درجة التورط وأنواع الجرائم المنسوبة إليهم، وتخصيص سجن لكل فئة حسب المواصفات التي تتلاءم مع السجين، لاجتناب احتكاك المساجين بالأكثر هم خطرا، والخوف من أن يتأثروا بالوسط الإجرامي الذي يسود المساجين• وأضاف المتحدث أن "السجن أصبح وكرا لتدريب وتلقين واحتراف الجريمة"، فبنسبة تقارب 90 بالمائة من المفرج عنهم يتابعون مسارهم الإجرامي ثانية، وأحيانا يطوّرون أساليبهم لما تلقوه من مدرستهم (السجون)، واعتبر أن المتخرجين من السجون أكثر من المتخرجين من الجامعات• وأضاف أن بعض المراهقين واليافعين يختلطون في مراكز إعادة التربية بأشخاص أكثر خبرة في ميدان الإجرام، ما يؤدي إلى انحرافهم عوضا عن إعادة إدماجهم في المجتمع• المنظومة القانونية المتعلقة بقضايا المخدرات تحتاج إلى مراجعة وتدقيق يعتبر تعاطي المخدرات والاتجار بها وتسهيل الحصول عليها من الجرائم التي يعاقب عليها القانون، إلى حد أن بعض الدول تطبق عقوبة الإعدام للممونين والمهربين والمتاجرين فيها• أما بالنسبة لقانون العقوبات الجزائري والمتعلق بالمخدرات، فيقول المحامي مشتي ياسين، أنه ينص على أن "المدمن يعامل كالمجرم تماما مع اختلاف درجة العقوبة ومدتها، رغم المنظومة القانونية التي شرعت لهذا الشأن"، حيث "تعاقب كل شخص استعمل المخدرات أو المؤثرات العقلية استعمالا غير مشروع، وكل من يثبت حيازته أو إنتاجه أو تصديره للمخدرات والمؤثرات العقلية، عمليات إنتاج أو صنع أو حيازة أو عرض أو بيع أو وضع للبيع أو حصول وشراء قصد البيع أوالتخزين أو استخراج أو تحضير أو توزيع أو تسليم بأية صفة كانت أو سمسرة أو شحن أو نقل عن طريق العبور أو نقل أو تصدير أو استيراد المخدرات أو المؤثرات العقلية وسلائفها، وكذا زرع خشخاش الأفيون أو شجيرة الكوكا، أو نبات القنب حسب المرسوم التنفيذي 07 -228 من قانون العقوبات المعدل• وأضاف الأستاذ مشتي ياسين بخصوص الإجراءات القانونية المتعلقة بالفصل في قضايا المخدرات أن هناك نوعين من الإجراءات، وهي الإجراءات الوقائية والإجراءات الردعية، إلا أنه يستحب إعادة النظر في المنظومة القانونية• كما أكد لنا المحامي حمديني عمار، رئيس المنظمة الوطنية لرعاية وإعادة إدماج المساجين، أن هناك تقصيرا من حيث تطبيق القوانين فيما يخص القوانين المشرعة بخصوص المخدرات• فالقوانين تسن، لكن لا يتم تطبيقها والمتابعة والسهر على تنفيذها، إلى جانب ثغرة أخرى غفل عنها المشرع وهي التفصيل الدقيق للنص القانوني وأنواع التورط في المخدرات• كما دعا الأستاذ حمديني إلى الوقوف وقفة واحدة تتكاتف فيها كل جهود الأطراف الرسمية والمجتمع المدني بنية خالصة، قصد الخروج بحل فعال إزاء هذا المشكل الذي يهدد المجتمع، إضافة إلى التوعية والتحسيس•