يعتقد البربر أن الربيع هو جوهر الزراعة والتعبير، فبعد عدة شهور من النوم والبرد والحرمان، يأتي الربيع ليضفي على الطبيعة طابعا خاصا ويبرز سحرها وجمالها ويمنح الحياة نفسا جديدا، لذا أصبح جديرا الاحتفال بقدوم الفصل من خلال النزوح الجماعي إلى قلب الطبيعة، مما يدل على التجديد والحياة• وجرت العادة لدى سكان منطقة القبائل أن يخرجوا إلى المساحات الخضراء في عطلة نهاية الأسبوع للاستمتاع بسحر وهدوء الطبيعة وبدفء الشمس• اغتنمت "الفجر" المناسبة لمشاركة أهالي منطقة القبائل الصغرى في سطيف فرحتهم بدخول الربيع، أين قضينا رفقة العائلات يوما في إحدى مروج دائرة "بوفاعة" شمال ولاية سطيف، والتي توافدت عليها المئات من العائلات التي اعتادت أن تحتفل بهذا اليوم في هذا المكان، جالبة معها الحلويات التقليدية التي تحضر خصيصا لهذه المناسبة مثل "لمبرجة، الرفيس، والفرصة"• وحسب إحدى الجدات فإن "الخروج إلى المساحات الخضراء بقلب الطبيعة تقليد قديم عرفه أهل المنطقة، وتوارثته الأجيال أبا عن جد"• من جهة أخرى كشفت لنا إحدى السيدات تحضيرها لمستلزمات النزهة قائلة:"اشتريت خصيصا لهذه المناسبة، قفة الكعك، والبيض المسلوق، والحلوى والفواكه والمشروبات لاستهلاكها على الموقع"• في الوقت الذي يتمتع الأطفال بنسيم منعش وفضاء واسع للعب، فهي فرصة كذلك لكسب أصدقاء جدد وتبادل الحلويات، والهروب من روتين المدينة والدراسة. وفي هذا الصدد أشار أحد الآباء الى أن الأطفال يحتاجون لمثل هذا التغيير، كمتنفس لهم بعد ضغوط الدراسة وضجيج المدينة، وضيق المنزل، فيشعر الأطفال بحرية أكبر، تجدهم يلعبون ويجرون والفرحة تغمرهم• كما يستغل الأطفال الفرصة لجمع الأزهار التي تكسو المساحات الخضراء ومنها أزهار النرجس البري• وفي نهاية اليوم السعيد يتوجه الجميع إلى منازلهم، والراحة بادية على وجوههم، لتمضي الأمهات إلى المطبخ لإعداد الوجبة المفضلة لدي أهالي المنطقة وهي "الكسكسي" ومعها "اللبن والبيض المسلوق"، ويتزين المنزل بزهور النرجس البري.. وتبقى ذكريات اليوم الجميل مغروسة في أذهان الجميع•