زوابري وزيتوني قتلا مؤسس "الفيدا" وصديقه أمير "الجيا" طاجين محفوظ ونكّلا بجثتيهما تفجّر "الجيا" إثر قتلها محمد السعيد وعبد الرزاق رجام ونقض لقاء "الوحدة والبيعة" تنشر "الفجر" في هذه الحلقة، بعد نشرها أسرار المجازر الجماعية ل"الجيا" بغرض وقف حصار الجيش لمعاقلها في تالعشة بين المدية والشريعة، حقائق أخرى تفضح الوجه الحقيقي للتنظيمات الإرهابية خلال التسعينيات وحرب الزعامات بالقتل والتنكيل فيما بينها، وتكشف عن تناحرها فيما تعلق باستئصال ما يسمى بجماعة "الجزأرة"، وكان أولهم لعمارة عبد الوهاب مؤسس تنظيم الجبهة الإسلامية للجهاد في الجزائر "الفيدا"، الذي يتشكل من عناصر من تيار الجزأرة، وقد تخلص أمراء "الجيا" من قيادييه بأبشع الطرق وأفظع الصور والتي لا تقل بشاعة عما فعله مسلحو الجزأرة بالصحفيين والمثقفين، وانتهى الأمر بلعمارة بأن تم اقتلاع عينيه. تحصلت "الفجر"، في سياق ما تجريه من تحقيقات عن تاريخ الجماعات المسلحة الدموية خلال التسعينيات، على معلومات لا تزال إلى يومنا محبوسة لدى قلة ممن كانوا في مواجهة آلة الموت من متقاعدي مكافحة الإرهاب من مختلف الأسلاك الأمنية، وآخرين من الجهة الأخرى ممن فضلوا ترك السلاح في إطار قانون الرحمة والوئام المدني، الذين رفضوا كشف هوياتهم لحساسية ما عايشوه من حقائق مخذلة تفضح دموية ووحشية من تبنوا العمل المسلح ممن أصبح من يعرفون ب"جهادي" تنظيم القاعدة يسمونهم من خلال منتدياتهم ب"أسلاف دروكدال" و"أتباعه" الذين احترفوا تقتيل الأبرياء باسم "الجهاد". وُلِّيَ محفوظ طاجين، الجزأري التوجه، رأس الجماعة الإسلامية المسلحة "الجيا" بعد مقتل الشريف فوسمي أمير تنظيم الجماعة الإسلامية المسلحة، الهمجي الذي ولّي قبله إمارتها خلفا لجعفر الأفغاني الذي جاء هو الآخر قبل القضاء عليه على رأس التنظيم خلفا للعيادة. وخلال تلك الفترة، التي استوى فيها محفوظ طاجين على عرش إمارة تنظيم "الجيا" وكتائبه لمدة لا تزيد عن شهر ونصف، كان تنظيم الجبهة الإسلامية للجهاد في الجزائر "الفيدا"، الذي تخصص في اغتيال المثقفين والصحفيين والسياسيين، قد تلاشى وفقد معظم عناصره داخل المدن، وفرّ الباقون إلى الجبال والتحقوا بمعاقل "الجيا" لاسيما وأن كل التنظيمات الدموية توحدت تحت لواء "الجيا" بقيادة الإرهابي المكنى أحمد أبو عبد الله. والتحق لعمارة عبد الوهاب (مؤسس تنظيم "الفيدا") بمعاقل الجيا في تالعشة، بين المدية والشريعة، والتقى هناك محفوظ طاجين رفيقه وصديقه الذي يقاسمه الفكر "الجزأري"، وكان يعتقد أن طاجين بصفته أميرا ل"الجيا" سيضمن له مكانته في التنظيم الدموي، لكن جرت الرياح بما لا يشتهيه لعمارة، وكذا الأمير الجديد ل"الجيا" طاجين محفوظ، حيث وقعا بين أنياب زوابري وجمال زيتوني وآخرين من مؤسسي "الجيا" بمن فيهم أحد التائبين في إطار قانون الرحمة الذي عايش الحادثة. وساهم في وقوع لعمارة في المصيدة وضع رفيقه محفوظ طاجين على رأس "الجيا"، على اعتبار أن الجزأريين من الدعاة سلفيي الفيس المحل، الذين اعتبروا فيما مضى ب"الانقلابيين" بعد سيطرتهم على هياكل الحزب المحل. ومن باب الاستدراج وقع مؤسس تنظيم "الجزأرة المسلح" بين يدي سلفيي "الجيا"، وحجز الاثنان وعذبا للاعتراف بأنهما عملاء للتيار الشيعي ضد التيار "الجهادي" السني، وتعرضا للتعذيب فاعترفا بأنهما عملاء للمخابرات السورية والإيرانية، واعترف في الأخير لعمارة عبد الوهاب وصديقه الأمير المخلوع محفوظ طاجين بما شاع عنهما ليتمّ في الأخير اقتلاع عيني لعمارة والتنكيل بجثته بعد قتله، وقتل صديقه محفوظ طاجين ونكّل بجثته، وهي الحادثة التي تم تصويرها في شريط مصور يجهل إلى يومنا مصيره. ولما وصل إلى مسامع محمد السعيد أمير تنظيم "الجيش الإسلامي للإنقاذ" قبل أن يتولى إمارته مدني مزراق، تنقل عبد الرزاق رجام قيادي الفيس المحل، الساعد الأيمن لمحمد السعيد، من معاقله بين تيفزيرت ودلس وكاب جنات إلى أعالي تالعشة لمعرفة مصير طاجين محفوظ ولعمارة عبد الوهاب أبناء فكرهم الجزأري، وسأل عنتر زوابري وجمال زيتوني عن تلميذيهما، مثلما ورد حسب الشهادات، لينتهي الأمر بعدها بلحظات بعد طمأنتهم كذبا عن مصيرهما بإطلاق النار عليهما وهما على متن سيارة من نوع "جي5". هنا بدأت الانشقاقات التي جاءت بعد مدة قصيرة من توحيد للصفوف، ونقضت الحادثة كل الاتفاقيات والمبايعات، وبدأت الانفصالات في صفوف التنظيمات والتناحر والاقتتال فيما بينها، حيث أعلن علي بن حجر أمير "كتيبة الوفاء" الناشطة تحت لواء "الجيا" بأعالي المدية، انشقاقه عن تنظيم جمال زيتوني الذي تولى إمارة "الجيا" بعد الحادثة. وبعدها أعلن كرطالي عبد القادر هو الآخر انشقاق كتيبته، الناشطة - حينها - على بعض محاور بلديات ولاية البليدة، وأصبحت كل كتيبة تمارس عملها الدموي على حدة كما تمارس الابتزاز والسلب والتقتيل بما يخدم مصلحتها في منطقة تواجدها. بعدها أعلنت بعض كتائب الغرب الجزائري هي الأخرى انفصالها، وتشكلت ما عرفت بتسميتها خلال سنوات الدم "كتيبة الأهوال"، بقيادة قادة بن شيحة، وكانت أخطر كتيبة إذ زرعت الرعب وفرضت منطق الدم بأيادي ألف إرهابي يتحركون على طول المرتفعات الممتدة على محور تلمسان وتنس في ولاية الشلف، وهذه الكتيبة دخلت في حرب مع أمير "الجيا" بالمنطقة المدعو العقال، وبدأت بحرب وضعت أوزارها بعد بروز بوادر تلاشي تنظيم "الجيا" الهمجي، الذي أصبح تحت إمرة عنتر زوابري، آخر رؤوس الموت، الذي جاء خلفا لجمال زيتوني الذي قتله علي بن حجر المنشق عن "الجيا" بعد مقتل رجام ومحمد السعيد، وفيما يروى فقد قتله انتقاما لصديقيه المغدور بهم من قبله، غير أن روايات أخرى قالت إنه قتل بن حجر لزيتوني لم يكن سوى صدفة. وستنشر "الفجر" في حلقة قادمة، استنادا إلى سلسة أشرطة سمعية، شهادات أحد أكبر قياديي "الجيا" الذي كان وراء نزول ما يقل عن 5000 تائب من الجبال. ويتضمن الشريط تاريخ التنظيمات واللقاءات والاتصالات بدقة، وتفاصيل ستنفرد "الفجر" بنشرها قريبا. وهي أسرار وحقائق لم تنشر من قبل، وستكون حلقة تفضح مرة أخرى أسلاف دروكدال وكل من اختاروا العمل المسلح باسم "الجهاد" وعادوا إلى جادة الصواب بعد اكتشاف أنهم كانوا "ضالين".