... هي الأمكنة إذن صارت تسكننا في آخر هذا الزمان .. مثلما اللحظات تنبض بنفَس أبديّ.. محاِصرةً الذكريات تحت سلطة الزمكان القاهرة.. إذ الأمكنة من دون ذكريات فراغ.. وفضاء موحش مهما استطال أو استدار والأمكنة من دون دموع فرح اللقاء ..أو عبرات حزن التنائي مع من سكنونا.. خراب.. وقفر.. ومن دون رسومات الوجدان.. هي تماثيل صمّاء.. لا تسأل مجيبا ولا تجيب سائلا.. ولكنها الأمكنة حين تستطيبك وتتيقن أنها فعلا تسكنك من الوريد إلى الوريد تبوح لك بكل أسرارها لأنك جزء منها .. ولكن بأية لغة يكون بوح.. الأمكنة..؟ الحلقةالأولى : أوردة الرخام .. عين الفوارة.. ... تفتحين نوافذ القلب بألف ابتسامة في وجه الآخر المستحيل.. وتحبين في صمت الأبدية.. ورعشة الراهبات بين الآه والله... وتتواعدان كما الشمس والمدارات البعيدة ...وتغويان القديس فالونتاين ذات نشوة ...وُتهزم الحرب بالحب.. وتصلبان.. ويوفيك × فيدال × الجريح جرحك ..ويرسمك بلغة الحجر.. وذاكرة الماء.. ويسكنك مدينة بعيدة... مدينة توسدت هضبة مرمرية وافترشت صدر الماء.. وكانت كفارة خطيئتك العراء.. متأهبة كما بدوت لي الآن للرحيل!! .. الصبح موعدنا ولكن: سيتيفيس لا تفرط بسهولة فيمن أحبت ..وسطيف ذاكرة من أبد.. وأي مكان يقصدونه ان رحلت ِ..ذات انتصار أو فرح ...صحيح أن لتعاقب الفصول حكاية من أسى ..وصبر من احتراق ..وصدق، إن كان لجسدٍ مرمري قدسية من عبق الأصول الملكية ..تقول عيناك صمت العابرين... وينبض قلبك قساوة أوردة الرخام .. وتتنفس أنوثتك فنطازية أولاد عامر... مشوا قبلك على الماء.. وتقبعين على أعينه الأربعة وقد تدفق من تحتك.. فلا تكلمي الناس ثلاثة أسرار سويّا : 1 اسم حبيبك الأول والأخير 2 الشيء الوحيد الذي أبكاك في هذه المدينة النابضة بالذكريات ... 3 واليوم الذي سأرحل فيه عنك صوب مدينة جديدة لأعود لك بنبأ عظيم مخافة أن يسبقني إليه أحد ... أو يحول بيننا الموج.. دعيني الآن..لي شهوة الاكتشاف ولك..الصبر .. وبركة.. ناس أولاد عامر ... الحلقة الثانية العرجون القديم كركلا .. جميلة دون وحوش.. ...شبّا على طهر الملائكة.. في مدن يحكمها الشياطين ...واستوضحا الأقمارَ واستظهرا الشمسَ عابديْن في أرض افترشها الضباب ذات اجتياح لطيف .. واشتد ساعده وتوقدت أنوثتها ...وتركها تحترق شوقا .. وتحترف صبرا ..إلى أن يعود إليها فارسا فاتحا ..على فرس بيضاء حاملا وردة حمراء ..على حين وفاء مستحيل ..عجنته المتاعب في ألف درب موحش .. وبايعته الأقدار مكابرا .. شديدا غليظا إلاّ على غائبة .. تنتظر ..قادما قد لا يعود .. وتلك احتمالات الرجوع ..؟ ....استفردته الليالي الحالكات وأعطته البوابة العظيمة ومضةً بصدر تنفحه العظمة والكبرياء .. أسوارها العالية ..وقلاعها الرهيبة ..فكان أولَ غريب يلجها .. وآخر مكرم فيها ..وأطول أهل كويكول عمرًا .. وعمرهم عصرها بسنوات ظلامية .. كان خادما لجند المملكة ..حقيرا ..فجنديا فقائدا للجند ..سلبوه قوته ..قيموا وكرموا سواعده ... وشدته .. وأهانوا وخيبوا نبض قلبه ..ولم ُينسوه من لازالت تذكره برغم الحقبات المتتالية ... أسيُر رفقة ظله الآن بجميلة التي يقولون إنها أثرية ويقول ظله بأنها ثأرية ولو بعد حين.. اصطحبني إلى مسرحها ..أ ين عمل به منظفا ذات عبودية و ممثلا ذات أمرية ..ومتفرجا ذات اغتراب ..فقادني إلى المذبح أين سالت الدماء وجرت وديانا ..ممزوجة بالآه...تقربا ..إلى الله.... وأزقة لازالت تحفظ لظله جرحَه ..وعلى أرصفة الممشى نقشت ظلالُ الأسر ذاكرَته المتعبة ..وهناك في ساحة القصر ارتعش الظل أمامي وسمعت خرير دموعه اللامرئية وتنهدت أحجار القصر...وقد شغله حارسا على الملك وحاشيته..ويذكر ليلة زواجهم واحدا.. واحدا.. ولا ينسى ليلة زواجه دفعة واحدة .. فيبكي ....وُجلتُ في المدينة كلها وحولي العبيد يصفقون ..كأني سهوت في الصلاة وكأنهم إناث!!! وانتبهت إلى الظل ..فلم أجده ..وأنسا نيه قوس كركلا ..المنحني ..الراكع لشيء آخر لاأعرفه ..فرّ العبيد ..قصف الرعد ...وأبرقت عيون القادة الجبناء .. ولم يبق إلا ظلي ..الذي يظهر عند مغيب الشمس ..قال الدرويش الذي ربّّّّّّّّّّّت على كتفي وقال: إنك بجميلة وعلى كويكول السلام .. أما ظلُ الفارس فقد استحال قوسا ..كركليا ..أما روحه فقد عانقت روح من انتظرته ألف عام ..ولم يعد .(.في السماء طبعا)...ففي الأرض أعداء كثيرون للحب ..والمحبين ..أمّا أنا فدرويش ..ها ها ها ..وأنت لك شهوة الاكتشاف ..ولجميلة ذاكرة الأقواس ..وهيبة القلاع ..الحائرة..