ولو أتيح للفاتح من شهر أفريل أن يتكلم لشكا من الظلم الذي لحق به من جراء اتخاذه يوما للكذب، ولقال لنا بأعلى الصوت ''إنكم لتكذبون العام بكل شهوره، والشهور بكامل أيامها، والأيام بكل ساعاتها ودقائقها وثوانيها• فلماذا تربطونني أنا الوحيد دون سائر الأيام والشهور بآفة الكذب•• لأنه الله يكتب الكذبة والكذيبة، ثم إنكم لتظلمون السمك معي، فلم يعد أكاذيب سمكة بتعبير أحلام مستغانمي، وأصلا لم يعد للسمك من وجود، فقد غلا ثمنه، وعلا شانه، فكأن السمك لا يبالي بتعبير إنعام بيوض، لأنه هاجر من بحارنا ولم يعد له وجود في أسواقنا ومطاعمنا، وصار كذبكم أكبر من حيتان القرش، وأشد فتكا من كل الحيوانات المفترسة•• لذلك من الأفضل لكم أن تبحثوا عن حيوان آخر يليق بكذبكم غير هذا الكائن الرقيق الجميل، الذي ما إن يخرج من الماء حتى يفارق الحياة، لأنه لا يستطيع مثل كثير من البشر أن ينتقل من وسط إلى آخر، فهؤلاء برمائيون وجويون ويستطيعون العيش في كل الظروف والانتقال من عفن إلى آخر• لأنهم من طينة البرازيت والوصوليين والمتسلقين• ولذلك فليس هناك من هو أكثر صدقا وبراءة ونعومة من السمك•• هاهم المرشحون إلى منصب رئيس الجمهورية في بلادنا يواصلون كذبهم بكل الألوان، الأبيض والأسود والرمادي منه، على شعب نصفه معلقة قلوبهم بالزودياك وبما وراء البحار • وها هي الجرائد تكذب على الثلث المتبقي من المراهقات والعوانس الحالمات بفارس يشبه مهند، دون مراعاة لأحاسيسهن• وها هم مثقفونا تائهون ضائعون لا يجدون ما يقولون في هذا الاستحقاق، ولا يستطيعون التعبير عن آرائهم في هذا الأمر الذي يهم البلد بأسره، كثير منهم تسلل إلى لجان المساندة لهذا المرشح أو ذاك، رغبة أو رهبة، وبعضهم ظل على غيه، سادرا في الوهم يواصل معاشرة الكذبة الكبرى إلى أن يلقى الله، هي الكذب على الذات، مثله مثل أشعب الذي يروى أنه أراد أن يتخلص من صبية كانوا يتبعونه، فأخبرهم كذبا بأن هناك عرسا ومأدبة في حي من أحياء بغداد، لكنهم عندما اتجهوا إلى المكان أسرع خلفهم لأنه صدق نفسه بكذبه على الآخرين•• ولحسن الحظ فإن غالبية هذا الشعب المغلوب على أمره صار محصنا ضد الكذب، مصابا بحساسية من جراء الوعود والأحلام بفضل لقاح اليأس والواقع المزري الذي وصل إليه على جميع الأصعدة، فلم يعد يصدق شيئا مما يقال له، ولا يؤمن بالفردوس المفقود والموعود والموجود• وكان يكفي صحافتنا أن تخسر عليه بعض الأكاذيب الصغيرة المعقولة عن ارتفاع أسعار التراب الوطني أو البطاطا كما تسمى عند الفلاحين الممسوحة ديونهم ونزول سعر الترفاس لأنه بطاطا الله سبحانه وتعالى•