ذات رحلة بحث!! تنام لألف جرح ولحظات•• تفترش أبدية الصمت وتتوشح الليل والشتاء•• سيرتا الهدية في كفّ الصخور••• ممنوحة لقسوة العابرين•• تمر على ذاكرتك كل هاته الوخزات وأنت تهم بانتعال التحدي وعبور الجسور المتشكلة آمالا معلقة إلى حين•• ولسيرتا ذاكرة العبور!!! نامت المدينة ليلتها وأعين الأعوام ما فعلت•• تتعطر بركة '' راشد''•• وتحمل آلام جسد سرتا المقطّع والموصول بهذه الحبال منذ زمن بعيد•• تتأمل الصخور•• وأعواد البخور•• و''ملاءات'' النسوة السود•• وعين ''الباي'' الذي ظل قابعا على عروش قلوبهن الثكلى•• وخلاء الشوارع الليلية معلنا الحداد الأبدي•• أفي موقف كهذا•• وطقوس كهذه تجدني أعبر هذا الجسر•• للجسر حكايته التي لا يعرفها إلا من لا يصدقها•• تأملتك راغبا لا راهبا•• اني جئتك متتبعا آثار من مروا من هنا•• قد تنسيهم الأعوام وقد ينسينا البعد والتناني•• ولكن ذاكرتك أيها الجسر المعبَر•• تحفظ كل شيء •• إني جئتك صامتا فتكلمْ•• كتوما فأفصحْ•• يتنهد إذ يقول بلغة النبض•• نبض الأوردة التي كالحبال المعلقة في صرخة الجسر الذي أنا عليه الآن: يا ذا الشيب الصغير••• لقد مروا من هنا•• ذات احتراق•• وعرفت أنهم جاؤوا من مكان قصي•• فواسيت•• ودخلوا سيرتا عِشاءً يبكون فكفكفت أدمعهم •• وعلى ظهري احتوتهم شهوة الانتحار فأبيت•• تأملوا الأعماق السحيقة كما تأملتها الآن•• ونظروا إلى السماء البعيدة•• وفي ذلك سبر لأعماق ذواتهم وكنتَ تسكنها أنت يا ذا الشيب•• وتتطلع الآفاق لأحلامهم وكنت سيدها أنت•• أقاموا الليل مع النجوم والصمت•• والصبحَ ساروا•• أليس الصبح موعدهم؟! تململت الحبال•• فأدركت أن الجسر العالي ينتفض من أعماق أعماقه•• وأنه يجمع بين الأسر والعسر•• طرفا بطرف•• لا يعرف هذا إلا من أسرته ''سرتا'' بما تملك ولا تملك•• وبكل لغة تتقنها•• وتناغي بها الصامتين•• انصرفتُ•• من على ظهر الجسر••• ولم أتركه يكمل سرد الحقيقة•• لأنني أريد أن أنسى فذاكرتي•• مجروحة الآن•• ورّبتّ على الجسر- حباله - '' بنظرة شفقة•• وعبرته لأول مرة كالآخرين وآخر استذكار•• كالخائفين•• وسرت نحو مدينة أخرى•• و'' سيرتا'' حينها•• نائمة بحضن الأسى•• والحداد•• فعزائي لهذه المدن الوفية لجراحها•• ولها بركة سيدها راشد•• ولي حرقة الاكتشاف•• وللجسر ذاكرة تحفظ •• لغوَ العابرين وصمتَ الذي لاحقته ومرّ صامتا من هنا•••