لم يقدم الوزير الأول، أحمد أويحيى، استقالة الحكومة إلى رئيس الجمهورية المنتخب لولاية ثالثة، مثلما تساءلت بشأنه الصحف هذه الأيام، ومثلما ينص عليه الدستور، الذي يلزم رئيس الحكومة بتقديم استقالة حكومته وجوبا بعد انتخاب رئيس الجمهورية، ويكون من حق هذا الأخير إما قبولها وإنهاء مهام الحكومة وتكليف آخر بتشكيل حكومة أخرى أو تجديد الثقة به وتكليفه من جديد بتعيين طاقم حكومي آخر، ذلك لأن الدستور المعدل جزئيا مؤخرا يحمل تناقضا في هذه النقطة• ففي حين ألغى الدستور بصيغته الحالية منصب رئيس الحكومة وتعويضه بوزير أول، إلا أنه من جهة أخرى مازال يلزم رئيس الحكومة بتقديم الاستقالة إلى رئيس الجمهورية المنتخب حديثا• فالوزير الأول كان اسمه أويحيى أو أي اسم آخر ما هو إلا وزير في حكومة يعينها ويقيلها الرئيس وحده وليست للوزير الأول أية سلطة لتكليف أعضاء الطاقم الحكومي بأية حقيبة، كما ليس من صلاحياته تقديم استقالة الحكومة• بعبارة أخرى، أعفى التعديل الأخير الوزير الأول من تقديم الاستقالة مثلما يقتضيه الدستور• وهذا يعني أيضا أن الرئيس هو الذي سيقيل الحكومة الحالية والوزير الأول، أو سيجدد الثقة في أويحيى ويعين هو بنفسه طاقما حكوميا آخر، سواء بإقالة كل الوزراء أو بعضهم فقط، أو بدمج وزارات وإلغاء أخرى مثلما يجري الحديث بشأنه في الأوساط الخاصة• فالحكومة هي حكومة الرئيس وليست حكومة الوزير الأول، وهذه إحدى العوائق المترتبة عن التعديل الأخير الذي ترك ثغرات ونقائص في نص الدستور كان من المفروض تجنبها، وربما سينتبه المكلفون بصياغة الدستور والمجلس الدستوري أو البرلمان مستقبلا لحل الإشكال في صياغة أخرى متكاملة وغير متناقضة للدستور إن طرح للتعديل مستقبلا•