تشهد أماكن عديدة بهذه الولاية أن حضارات مختلفة مرت من هنا مثل المسرح الرماني، وتيبليس سابقا وسلاوة أعنونة حاليا ودشرة كاف بوزيون، وغيرها من الأماكن الأثرية التي تؤكد عراقة هذه الولاية الضاربة في أعماق التاريخ• المسرح الروماني الذي يقع وسط مدينة فالمة مازال قائما كشاهد على ماضي حافل بالأعمال العظيمة، فهذا المسرح يعد بحق تحفة فنية في الهندسة المعمارية، وتكمن أهميته خاصة في محافظته على كيانه حتى بالصورة التي كان عليها منذ ألاف السنين رغم أشغال الترميم الذي طالته أكثر من مرة• ويذكر المؤرخون أن هذا المعلم الهام شيدته ما بين القرن الثاني عشر والثالث عشر راهبة معبد المدينة تدعى (أنيارايايا) • وبلغت تكاليف بنائه حوالي ثلاثين ألف قطعة ذهبية، وهو على شكل نصف دائري ويحتوي على عدة مقصورات خصصت للأعيان وكبار موظفي الدولة ومدرجات مخصصة للعامة، بالإضافة إلى منصة واسعة يعتقد أنها كانت مخصصة لمصارعة الحيوانات المفترسة، وخصوصا الأسود التي كانت منتشرة في المنطقة• كما يوجد به متحف يحتوي على تماثيل وفسيفساء ونقود جيء بها من المناطق المجاورة مثل خميسة ومادور وتيبليس، بالإضافة إلى بعض المواقع الأثرية بفالمة• وتمثل التماثيل أبرز محتويات المتحف وأهمها تمثال هرقل الإمبراطور والقاضي وتمثالين لجوبيتر• وتتسع مدرجات المسرح الروماني لأكثر من ثلاثة آلاف متفرج• وعرف خلال سبعينيات وثمانينيات من القرن الماضي العديد من الأنشطة الثقافية الوطنية الهامة، وغنى على ركحه بعض المطربين الجزائريين والعرب من بينهم المطرب اللبناني الكبير وديع الصافي، والمطربة السورية ميادة الحناوي، وشقيقتها فاتن الحناوي• وكان على مدى عقدين من الزمن قبلة للسياح الأجانب، كما كان تلاميذ المدارس يزورونه كل أسبوع للتعرف على طابعه المعماري الجميل ومحتوياته النادرة من تماثيل وفسيفساء ونقود، كما كان هذا المعلم على موعد منذ سنتين مع مهرجان الموسيقى الحالية• والغريب أن هذا الهيكل الأثري الكبير الذي يعتبر بحق من أهم المسارح الرومانية الأثرية في العالم العربي لحفاظه على طابعه القديم ومكوناته من أسوار وجدران ومدرجات وخشبة وغيرها، أصابه اليوم شلل تام ولم يعد يمارس أي نشاط يذكر• كما أصبح لا يستقبل تلاميذ المدارس الذين يجدون أبوابه مغلقة طوال السنة، رغم يعد من بين أفضل المسارح الرومانية الأثرية في الجزائر ولا يقل أهمية عن أمثاله في الأردن ولبنان وسوريا وتونس، التي تحتضن مهرجانات دولية نالت شهرة عالمية كبيرة بفضل معالمها الأثرية، والسؤال الذي يطرحه المواطن الفالمي متى يصبح لكلاما مهرجانا على غرار تمفاد وجميلة•