ذكر أمس المحلل السياسي التونسي، برهان بسيس، أن قرار الجماعة الليبية الإسلامية المقاتلة بقطع العلاقات مع تنظيم القاعدة ووضع السلاح، هو دليل على تراجع تأثير الجماعات التكفيرية العنيفة في المنطقة المغاربية وتدهور قدرتها على التجنيد أو المناورة، ويمثل ضربة قوية لعدد من الجماعات التي تعتمد العنف، منها الجماعة الإسلامية للدعوة والقتال التي أعلنت ولاءها لتنظيم القاعدة طمعا في ظهور إعلامي، والسنوات السابقة أثبتت أن أسامة بن لادن استغل عناصر دروكدال لفك العزلة عنه وضمان مداخيل مادية لصالحه من خلال عمليات الاختطاف وتهريب السلاح والمتاجرة بالمخدرات• وأضاف الخبير في شؤون التنظيمات الإرهابية أن إدانة الجماعة الليبية للعنف والأعمال الإرهابية، وإعلان طلاقها مع التنظيم العالمي والجماعات الإرهابية المسلحة يعتبر بمثابة ''ضربة رمزية للقاعدة أكثر منها هزيمة تكتيكية على الميدان''، معتقدا في السياق ذاته أن ''الخطوة تأتي في وقت ملائم بالنظر إلى التحركات الإقليمية لمختلف القوات المسلحة لدول المنطقة لوقف نشاط القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، والجماعة السلفية للدعوة والقتال بقيادة الإرهابي عبد المالك دروكدال التي شكلت جبهة أمامية في مالي لضرب مصالح بلدان المنطقة وبالأخص الجزائر''• وتابع قائلا ''كون أبو يحيى يظهر من حين إلى آخر في الإعلام لا يعني أن المجموعة لا تزال قائمة''، مما يفتح الباب واسعا على من يقف وراء الإرهابي أبو يحيى الليبي في منطقة شمال إفريقيا، وتساءل المراقبون حول إمكانية تحرك المدعو دروكدال وعناصره لكشف خيوط المؤامرة بإعلان توبتهم ورجوعهم لأحضان المجتمع والاستفادة من ميثاق السلم والمصالحة الذي أقره رئيس الجمهورية؟ وأدانت في الأيام الأخيرة الجماعة الليبية المقاتلة، في رسالة مفتوحة لجميع التنظيمات الإرهابية في المنطقة المغاربية وخاصة منها تنظيم دروكدال، العنف المسلح واعتبرته ''خيارا فاشلا''، وقالت إن العنف ضد النظام وضد الشعب لم يحقق النتائج المرجوة التي تتمثل في ''التخلص من الظلم ضد الناس وتحقيق الأهداف الأساسية للشريعة''• وتشير الرسالة إلى أن الجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية مختلفة عن باقي الجماعات المقاتلة، باعتبار أنها تلتزم بالشريعة و''تنأى عن عدد من الممارسات الخاطئة منها والتفجيرات الدموية الاعتباطية وتخريب الممتلكات العامة والخاصة واستهداف المدنيين''• وبالتالي، تختم الرسالة، ''نحن نؤيد قرار وقف كافة الأعمال العسكرية داخل ليبيا ونلتزم بسياسة عدم فتح أي جبهات خارجية مهما كان السبب''• ويعتقد خبراء في مسألة الإرهاب من البلدان المغاربية أن الإعلان الأخير للجماعة الليبية الإسلامية المقاتلة بقطع علاقاتها مع القاعدة يشير إلى وجود مشكل أخلاقي حقيقي داخل العملية المغاربية للشبكة الإرهابية، وأن الذي يحدث أصبح يكتنفه الغموض خاصة مع التواجد القوي لمختلف مصالح الاستخبارات الغربية التي تزعم مكافحة الإرهاب، متناسية أن دول المنطقة لها من الإمكانات ما يجعلها قادرة على تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة المغاربية، خاصة مع وجود القوات الأمنية التي أثبتت للعالم أجمع أنها رائدة السلم و قائدة مكافحة الإرهاب.