إن التجربة والقيادة اليسارية الكوبية تحتل منصة الظل العالي بزعامة فيدل كاسترو، والآن بقيادة راؤول في أمريكا اللاتينية وحركات التحرر الوطني في العالم الثالث، نعتز بالصديق فيدل، احتشاد ألوف القيادات الرسمية والحزبية من العالم بالعيد الثمانين لكاسترو (ديسمبر 2006)، وكنت المدعو والمشارك الوحيد من البلاد العربية والشرق الأوسط؛ تعبيراً عن العلاقة التاريخية مع الصديق الثوري الوطني والأممي فيدل وبين الشعوب• كوبا قدمت الكثير للعرب وفلسطين، الوحدات الكوبية قاتلت على الحدود الجزائرية ,1962 وفي الجولان السورية ,1973 وبنت لشعب فلسطين ألوف الكوادر في الجامعات الكوبية• في التسعينيات، بعد انهيار التجربة السوفييتية وتجارب أوروبا الشرقية، عاش الشعب الكوبي مرحلة عصيبة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، سميت ''المرحلة الخاصة''، وقعت سياسة الانفتاح على السياحة والاستثمارات الخارجية، وإعادة بناء العلاقات الاقتصادية مع العالم الخارجي، وانتهت ''المرحلة الخاصة'' مع بدء وانتشار التحولات نحو اليسار في بلدان أمريكا اللاتينية في أواخر التسعينيات وحتى يومنا، وخاصةً بعد نجاح أوغو تشافيس اليساري في انتخابات الرئاسة ,1998 ثم توالت التحولات الكبرى نحو اليسار الجذري ويسار الوسط في أمريكا اللاتينية، ومع هذه التطورات الكبرى انفتح فصل جديد في تاريخ كوبا وأمريكا اللاتينية، سيترك بصماته في تطور التجربة الكوبية نحو ''ديمقراطية الاشتراكية والتنمية المستدامة''، وفي تطور التجارب اليسارية في أمريكا اللاتينية نحو بناء الاشتراكية تحت سقف ''إشاعة الديمقراطية التعددية''، والصراع في صف الشعوب على الأرض وفي الميدان بين الأيديولوجيات اليسارية واليمينية نحو الخيار الاشتراكي، وديمقراطية اشتراكية القرن الواحد والعشرين، أم نحو الخيار الرأسمالي والارتداد نحو اليمين• وسيظهر فعل وتأثير هذه التطورات والخيارات على حياة وتاريخ شعوب العالم الثالث واليسار العالمي في يومنا وعبر مسار القرن الواحد والعشرين•إن تجارب الصين وفيتنام وكوبا، والتحولات اليسارية الكبرى في أمريكا اللاتينية، ويسار الوسط في الهند، وتجارب يسار الوسط (الديمقراطية الاشتراكية) في أوروبا والتكتلات الاقتصادية الإقليمية الكبرى (الاتحاد الأوروبي)، تطرح للشعوب والدول العربية، وخاصة قوى اليسار والليبرالية الوطنية، الكثير من التساؤلات الكبرى على طريق النهوض الجديد، تستدعي المراجعة النقدية بروح وروافع الخصوصيات الوطنية والقومية، واستخلاص الدروس وبرامج الدمقرطة والتقدم إلى الأمام نحو عالم العصر، عالم تحرير العقل والعلم والحداثة•