تمر اليوم 55 سنة على انطلاق الثورة الجزائرية بالمعنى الشعبي للكلمة، وهي البداية الحقيقية لنهاية أسطورة الجزائر الفرنسية على حد تعبير المؤرخ محمد حربي• في 20 أوت ,1955 كانت الثورة الجزائرية ضعيفة التنظيم والتنسيق، وكانت الأرمادة الاستعمارية مركزة قصفها وخناقها على منطقة الأوراس، وحمل الشهيد البطل زيغود يوسف مسؤولياته التاريخية بتنظيم هجومات الشمال القسنطيني تسعة أشهر بعد اندلاع الثورة واستشهاد القائد الأول للمنطقة الثانية البطل ديدوش مراد، صاحب وصية ''إذا متنا شرفوا ذاكرتنا''، بدأته مجموعة لا تتجاوز 400 مناضل موزعين على خمس مناطق أصبحت ولايات بعد مؤتمر الصومام، وكان اجتماع القادة الستة بالداخل (ديدوش، بيطاط، بن بولعيد، بن مهيدي، كريم بلقاسم، وبوضياف كمنسق بين الداخل والخارج) في 23 أكتوبر ,1954 قد حسم في اختيار استراتيجي، حيث فصل في سؤالين: هل ننظم الثورة ثم نفجرها، أو نفجرها وننظم؟''، وكان الرأي والقرار هو التفجير، ثم التنظيم• وعندما افترق الستة كل إلى منطقته وبوضياف إلى الخارج كان الاتفاق على تنظيم لقاء تنسيقي في شهر جانفي 1955 للتنسيق والتنظيم، وهو اللقاء الذي لم يحصل بسبب شدة القمع وظروف الحرب القاسية خاصة بمنطقة الأوراس، وهو ما جعل مهندس الهجومات، زيغود يوسف (الذي تعيش زوجته اليوم في ظروف شبه بائسة في حين يعيش خبثاء وحركى في قصور) ينظم هجومات المنطقة ويأمر الشعب بالخروج والهجوم على مراكز الاستعمار، إلى جانب جنود جيش التحرير)، وهو ما حدث يوم 20 أوت 55 بسكيكدة والحروش والقل وعزابة وهيليوبوليس ووادي زناتي ورمضان جمال والخروب وعين عبيد، حيث هاجم الشعب منتصف النهار ثكنات جندرمة ومراكز عسكرية، وكل ما يرمز للكولون، وقتل يومها حوالي 100 معمر وعميل• لكن ردة الفعل الاستعمارية كانت إبادة حقيقية للشعب بالمنطقة، خاصة سكيكدة، منطقة الزفزاف وعين عبيد ودام القتل والإبادة أسبوعا كاملا، قتلت القوات الاستعمارية أكثر من 12000 جزائري ومازالت مقبرتا رمضان جمال والزفزاف مكتظتين بالقبور المتشابهة كأنها مدن• استشهاد الآلاف في 20 أوت 55 أنهى مخططات الإدماج لحاكم الجزائر وقتها، جاك سوستال، وقضى نهائيا على القوة الثالثة• رغم الانتقادات التي تلقاها زيغود وبن طوبال خلال اجتماع الصومام بشأن هجومات الشمال القسنطيني، إلا أن قول المؤرخ محمد حربي إنها بداية حقيقية للثورة صحيح• وكان الثمن الذي دفعه الشعب الجزائري أضعاف ما دفعته شعوب أخرى من أجل استقلالها سيما وأن السياق التاريخي بعد نهاية الحرب الكونية الثانية كان يشجع على تصفية الاستعمار، لكن فرنسا التي لم يحررها أبناؤها من الألمان عملت ضد اتجاه التاريخ• وعن القوة والوسائل في حرب أو ثورة الجزائر القاسية واللامتوازية، يمكن تلخيصه بالانتقام، فمقابل ستة عقداء عصاميين و18 رائدا بجيش التحرير، كان على رأس القوات الفرنسية 60 جنرالا و700 عقيد و1500 رائد• ووصلت القوات الفرنسية في الجزائر إلى حوالي مليون، حسب ما ورد في مجلةبLa Nouvelle Critiqueب ، العدد 122 جوان 1961 تحت عنوان ''الجيش الفرنسي واستراتيجية جبهة التحرير''• أما القوات النظامية فبلغ عدد القوات البرية 000,350 رجل، بينهم 50687 فرنسي من أصول شمال إفريقية ا F.S.N.A.ب القوات الجوية 000,,80 البحرية 000,,49 الدرك والفرق المتنقلة 000,,30 شرطة متنوعة 000,30 وقوات محاربة الشغب CRS 000,.20 الحركى والعملاء الجزائريون بالإضافة إلى القوات الفرنسية التي كانت تستخدم 1600 طائرة و250 هيليكوبتر، إضافة إلى 000,50 عربة ودبابة وعتاد عسكري حربي أمريكي الصنع في أغلبه، كان الجزائريون الخونة عددهم أضعاف عدد جيش التحرير• وتقول ''لانوفيل كريتيك'' في عددها 107 الصادر في جوان 1959 إن عدد العملاء المسلمين وصل إلى 921,263 بينهم 000,60 حركي و167,8 فرق متحركة للأمن GMS و000,60 مجموعات دفاع ذاتي، 10754 حرس مسلح، إضافة إلى كومندوسات المطاردة التي كونها الجنرال شال لمواجهة ما تبقى من الكتائب وتصفية منظمة الثوار• العديد من الثوار والشهداء تمت تصفيتهم داخل الثورة ابتداء من شيحاني البشير، نائب بن بولعيد، وازدادت التصفية أكثر بعد الهجمة التسميمية للمكتب الخامس ''الزرقاء''، لكن الثورة انتصرت بفضل الله والمجاهدين• وتساءلت قيادة الجيش الفرنسي، كما ورد في كتاب المؤرخ محمد تقية ''الجزائر في حرب'' لماذا عجز الجيش العظيم المجهز بأحدث العتاد عن مواجهة 15000 ''فلافة'' يرعبون السكان''، أقل من 10 % من الحركى والخبثاء تمكنوا من الفرار إلى فرنسا التي جعلت لهم يوما وطنيا مثل يوم المجاهد عندنا، لكن الأغلبية الساحقة من الحركى بقوا في الجزائر• رحم الله الشهداء وحمى الجزائر وطن الشهداء من الخبث والخبائث•