ذكرت مصادر أمنية مطلعة أنه تم فتح تحقيق حول عمليات السطو التي يتعرض لها بعض المواطنين من طرف شبكات مختصة في القرصنة في مجال الاتصالات، ومتمكنة من الإيقاع بالمواطنين بعد إمدادهم بجميع الأدلة المادية التي توقع الضحايا في نوع من الثقة وتجعلهم يصدقون أن المتصل هو الشركة المعدة للعبة، وعلى هذا الأساس يقدمون لهم مبالغ مادية مقابل الفوز بهدية ثمينة· وأول ما تقوم به هذه العصابات هو رصد الساحة ومتابعة الألعاب التي تعلن عنها الشركات الوطنية أو الأجنبية، خاصة خلال شهر رمضان، كما هو الشأن مثلا للعبة التي تديرها شركة ''موبيليس'' الخاصة بالفوز بسيارة ''بيجو 207''، بعدها تقوم العصابة بإيفاد رسالة إلكترونية إلى هاتف المشاركين تعلمهم فيها أنهم فازوا بالسيارة تلك، وتطلب منهم الاتصال برقمين، أحدهما نقال والآخر ثابت، وبعد أن يتصل متلقي الرسالة يهنأ من طرف أفراد العصابة الذين يقدمون أنفسهم على أساس أنهم من شركة ''موبيليس'' أو أي متعامل آخر· بعدها يطلبون من الضحية أن يقطع الاتصال ويستخرج الرقم المدون وراء الشريحة المكون من 20 رقما على ورقة ويحتفظ بها، ثم يركب الشريحة من جديد ليتقلى اتصالا من العصابة مجددا، لكن الرقم هذه المرة يكون محجوبا، أي أن الرقم لا يظهر على شاشة الهاتف، ثم يقومون بإملاء الرقم المدون خلف الشريحة على الضحية ويطلعونه على جميع الرسائل الإلكترونية التي أجراها مباشرة قبل الاتصال، بشكل يجعل الضحية يؤمن أن المتصل هو الشركة المعدة للعبة، ويأخذون عنوان الضحية وجميع التفاصيل المتعلقة به من أجل إتمام الإجراءات الخاصة بتسليمه الهدية التي فاز بها· عصابات تتفنن في السطو على المواطنين بعد تقديم أدلة مادية بعدها ينتقل أفراد العصابة إلى المرحلة الحاسمة، وهي كيفية السطو على مبلغ معين من الضحية يفوق عادة 20 ألف دج، ويقنعونه أنها الحقوق التي يساهم بها الفائز بالسيارة لدفع مستحقات المحضر القضائي الذي يقوم بالإجراءات القانونية اللازمة، لكن في نفس الوقت يقنعونه بأنه يجب أن يسدد ذلك المبلغ ليس نقدا، وإنما عن طريق شراء بطاقات تعبئة لأحد المتعاملين الثلاثة للهاتف النقال، ويقدم بعدها الرقم التسلسلي الموجود أسفل البطاقة إلى تلك العصابة مرفوقا بالخمسة أرقام الأخيرة فقط من الرقم المحجوب، دون أن يكشط جميع الأرقام التي يجب أن تبقى مغطاة، ويقنعونه بأن عملية التسديد يجب أن تتم خلال نفس اليوم حتى يتم الكشف النهائي عن اسم الفائز· أما المرحلة الثالثة، فهي إقناع الضحية بأن يبقى رقم هاتفه مشغلا، ويصرون على عدم غلقه حتى يتلقى اتصالا في آخر اليوم عن كيفية ترتيب عملية استدعائه إلى الشركة المنظمة للعبة من أجل تسلمه الهدية، وهي الفترة الزمنية التي تحتاجها العصابة للقيام بتشكيل الرقم الكلي للمنطقة المغطاة استنادا إلى الرقم التسلسلي الموجود أسفل البطاقة والخمسة أرقام الأخيرة المكشوف عنها من المنطقة المغطاة، وهذا لأن مثل هذه العصابات متمكنة في القرصنة في مجال الاتصالات، ثم القيام ببيع الوحدات الصوتية بعد تفكيك الشفرة· ''اتصالات الجزائر'' و''موبيليس'' توصيان المواطنين بالعودة إلى الإعلانات الرسمية وجه المستشار الإعلامي لمؤسسة ''اتصالات الجزائر''، السيد مزياني، في اتصال مع ''الفجر''، نداء للمواطنين لتوخي الحذر والحيطة إزاء هذا النوع المشبوه من الاتصالات التي يقوم بها لصوص للسطو على أموال المواطنين مستعملين جميع فنيات التمويه والتضليل· كما أكد لنا المستشار الإعلامي لشركة ''موبيليس''، السيد دعاس، في حديث مع ''الفجر''، أن العديد من المواطنين ذهبوا ضحية لمثل هذه الاتصالات الكاذبة، خاصة خلال شهر رمضان، مؤكدا أنهم اغتنموا فرصة تنظيم اللعبة الخاصة بسيارة ''بيجو207'' من طرف المتعامل ''موبيليس'' للسطو على أموال المواطنين بعد التفنن في إيقاعهم· واغتنم نفس المصدر الفرصة لتنبيه المشاركين في اللعبة التي تديرها شركة ''موبيليس''، خلال شهر رمضان، للتفطن لمثل هذه المكالمات والتقيد التام بجميع شروط اللعبة المعلن عنها عبر الأنترنت على موقع الشركة، داعيا المواطنين الذين يتعرضون لمثل هذه المشاكل إلى إيداع شكاوى قضائية لإيقاف نشاط مثل هذه العصابات· الإعلان عن الهدايا عن طريق ال''أس أم أس'' لاستدراج المواطنين وسرقتهم مكنتنا الدردشة التي أجريناها مع بعض المواطنين من الوقوف على حجم المعاناة التي يتعرضون لها من طرف هذه الشبكات المتخصصة في القرصنة والتلاعب بمشاعر المواطنين، حتى في شهر رمضان· ومن بين الرسائل التي تلقتها إحدى الفتيات ''فايزة'' على شريحتها للمتعامل ''نجمة''، هو تهنئتها بعد فوزها ب20 ألف دولار من بنك الجزائر، وتضمنت الرسالة رقم هاتف لدولة أجنبية من أجل الاتصال به لتحويل المبلغ في أقرب الآجال· ولأن صاحبة الهاتف مواطنة معوزة وشغلت هذه الشريحة أصلا من أجل تلقي ردود عن طلب العمل كانت قد نشرته في إحدى الصحف الوطنية، لم يكن في حوزتها الوحدات الصوتية لإجراء الاتصال في الآجال المحددة في الرسالة· سيدة أخرى وربة بيت لطفلين، تلقت عدة رسائل قصيرة من شريحة من نوع ''جيزي''، تؤكد لها أنها فازت بسيارة من نوع ''توارف''، وطلب منها إجراء اتصال في أسرع الآجال على رقم تضمنته الرسالة من أجل تسليمها الهدية، لكن هذه السيدة لم تصدق الرسالة كونها لم تشارك أصلا في اللعبة· مواطنة أخرى عاملة في حقل الاتصال، طلب منها الاتصال برقم لدولة أجنبية على أساس أنه مكتب شمال إفريقيا لشركة صنع السيارات الألمانية ''بي أم دوبل في'' كونها فازت بسيارة في لعبة أعدتها الشركة الأم، غير أن هذه المواطنة أدركت أن الرسالة القصيرة التي تلقتها هي مجرد خدعة لا أساس لها من الصحة، ولم تكلف نفسها عناء إجراء المكالمة، خاصة وأنها لم تطلع على إعلان رسمي للشركة سواء بالصحف الوطنية أو عبر الإذاعة والتلفزيون· والجدير بالذكر أن العصابات المتخصصة في استدراج المواطنين وسرقتهم بالهاتف النقال، قد انتشرت كثيرا خلال الفترة الأخيرة، كما ازداد نشاطها بشكل ملحوظ خلال شهر رمضان، بحكم أن العديد من الشركات تعد لعبا و''طمبولات'' من أجل رفع معدلات بيع منتوجاتها خلال شهر رمضان، مستغلة تجمع كل العائلات وفي وقت واحد بالمنازل للإفطار، لكن قراصنة الهاتف النقال يجدون دائما الفرصة من أجل التربص بالمواطنين وسلب أموالهم باستعمال أبرع الخدع وأحدث وسائل التضليل والتمويه·