كانت الساعة السادسة صباح الأربعاء، وكنا على متن الحافلة متجهين إلى الطائرة، لكن ''خللا تقنيا في الطائرة'' مثلما قيل لنا، جعلنا نعود من جديد إلى قاعة الركوب· فثارت ثائرة المسافرين لتأخر الطائرة· فتعالت الانتقادات من كل جهة عن كيفية تسيير الجوية الجزائرية، وكيفية تسيير المدرسة، ومؤسسات الدولة، والبلاد بصفة عامة، وكأن المسافرين كانوا على صفيح ساخن، ما صدّقوا أنهم وجدوا الفرصة ليصبوا جام غضبهم على كل شيء، وعلى كل الناس، وسرعان ما تحولت الإنتقادات إلى مشادة كلامية بين ''قبايلي'' و''عنابي''، عندما قال الأول إن الخطأ خطؤكم أنتم، لأنكم لم تساندوا انتفاضة القبائل، ولم تؤيدوا فرحات مهني في مطلبه، أنتم تستحقون هذا· فردّ العنابي ببرودة أعصاب على نرفزة القبائلي··''قل لفرحاتي مهني، لن يكون هناك علم آخر في الجزائر غير علم ثورة نوفمبر، ولن يرفع علمه ولن يؤسس دولته إلا إذا مرّ على أجسادنا، لم يطالب قبله عميروش ولا عبان ولا آيت آحمد بتأسيس دولة، ولن تنجحوا أنتم ولا فرحات مهني في ذلك·· ونحن مستعدون للقيام بثورة أخرى أعنف وأكبر من الأولى· ولم تهدأ المشاداة الكلامية، التي كادت أن تتحول إلى تجاذب بالأيدي، إلا ونحن في الطائرة· والغريب أن بطلي هذه المشاداة إطاران بمؤسسات اقتصادية كانا متجهين في مهمة إلى عنابة· وبعد تأخر دام قرابة الساعة، انطلقت الطائرة، التي يبدو أن سبب تأخرها ليس عطبا ولا هم يحزنون، وإنما الطاقم الذي جاء متأخرا عن الموعد·