وإلى أن نصل إلى ذلك لابد من التعريف بالمخزون السياحي المحلي ونشره بين فئات المجتمع بواسطة تنظيم الزيارات الاستكشافية لمختلف المواقع الأثرية والسياحية المتواجدة على تراب بلدية تندوف وأم العسل وتجمعاتهما السكانية المترامية الأطراف ومنها القصور والمواقع التاريخية بداخل المدينة كزاوية بلعمش ودويرية أهل العبد ودار الديماني الوسري ودار عيشة مي وغيرها من الشواهد التاريخية• ولأجل كشف بعض مكونات السياحة بتندوف قامت ''الفجر'' بزيارة بعض المواقع الهامة والتي تجهل من طرف الكثيرين، ويهز البعض الفضول لزيارتها، وهي التي توجد في أماكن بعيدة وعلى مساحات متفرقة أقربها 200 كلم وأبعدها وأغناها 700 كلم، وقد تمكّنا في إطار الاستطلاع على ذلك الموروث التاريخي من الوصول إلى تلك النقاط والتي فاقت سعادتنا كل الوصف ونحن نشاهد صورا لا نراها عادة إلا في الأفلام أو ضمن حكايات الأولين• ليس مستحيلا أن تجد تلك الصور والمشاهد مكانا لها بأرض وتربة تندوف التي تنبت الثقافة والسياحة وتعطي صورة وضّاءة عن تراث عريق ما يزال في طي النسيان• ولكي أشوق إخواني القراء ومحبي جريدة ''الفجر'' تعالوا لنسافر إلى بعض ملامح السياحة بتندوف من خلال هذه الصورة الواقعية والبداية عند بحيرة ''تفاقومت'' الواقعة على تراب بلدية تندوف على مسافة 190 كلم، وتحديدا بمنطقة مركالة التاريخية• وتتوفر هذه البحيرة على عدة أنواع من الأسماك والطيور المهاجرة، علما أن ماءها لا يجف طوال السنة ومحاطة بالقصب والاخضرار وهي مرتع للكثير من الحيوانات، يرتادها أحيانا البدو الرّحل للتنزه والتمتع بمائها وخضرتها وهنا يطرح السؤال: لماذا لا يجعل من بحيرة تفاقومت مكانا للجذب السياحي؟ لقد تركنا الإجابة إلى مديرية السياحة التي سنأتي إلى معرفة آليات توظيف هذه الفضاءات غير المستغلة• نفس الشيء رأيناه ونحن نتسلق هضبة ''أجفار'' التي تبعد عن بلدية تندوف بنحو 115 كلم والتي يوجد في محيطها أصناف من شجرة الأرقان التي سبق ل''الفجر'' وغطتها إعلاميا• وتتشكّل تلك السلسلة الجبلية الفريدة من نوعها من أشكال جيولوجية في غاية الصنع الإلهي وهي بمثابة جبال أحفار وأجمل من جبال الألب في تراثنا العربي الإسلامي، إذ ترى قمم الجبال يكسوها الضباب وتحيط بها سلاسل من الكثبان الرملية وأودية ملآنة بأشجار الأتيل• إنه منظر يعجز اليراع أن يخطه واللسان أن يتلفظ به، وإنما يبقى وصفه متركزا على زيارته والتجول بين ثناياه ومنعرجاته• وغير بعيد عن ذلك، توجد عيون ومجاري مائية كثيرة ينبع منها الماء العذب•• أليس هذا عطاء إلهي يتطلّب منا رعايته والأخذ به نحو تشكيل معلم سياحي وطني مشرّف وتقريبه من سكان المنطقة وزوارها؟! استفهامات تبقى حبيسة الحلق تنتظر إجابات من أهل القطاع، إذ لا يتصور المرء وجود أشكال للطيور والبقر والفيلة على حجارة كبيرة، ولا يصدق أيضا وجود قبور ونصب جنائزية غريبة دون الاهتمام بها وصونها• نفس الحديث يقال عن علامات الخيل والإبل المنقوشة على صفائح حجرية وفي مناطق متفرقة من تندوف• ألا يمكن إعداد رزنامة زيارات لتلك المناطق لفائدة المولعين بالتراث والمهتمين بالسياحة وتفعيل دور وكالة السياحة المحلية؟ أسئلة كثيرة تبقى تنتظر لقاءنا مع مدير السياحة بالولاية بعد أن نكمل جولتنا عبر فضاء الصحراء، مبرزين مختلف أماكن الجذب السياحي بالمنطقة والتي يبدو أنها غير مستغلة لعدة أسباب• ونعود إلى منطقة لحكال التي توجد بها عدة أماكن سياحية شبيهة بما يوجد بقرية حاسي مونير التابعة لبلدية أم العسل والتي تتوفر على ما يسمى ب: لقطاطير، وهي منابع مائية جارية وعيون إلهية حان الوقت لاستثمارها بل وزيارتها من طرف الذين لا يعرفونها أو يسمعون بوجودها ولم يروها• كما نذكر أيضا أماكن بهضبة أم الطوابع ومنطقة النوامر والتي تحمل الكثير من النقوشات الصخرية كشواهد على الأقوام التي عمرت بالمنطقة أو تلك التي عبرتها ضمن القوافل التجارية القديمة، وحدثنا عن ذلك بعض الرحل والأشخاص الذين امتهنوا في السابق صفة الدليل كالشيخ محمد مولود زريبيع أو بويهان وغيرهما• وقد أخبرانا بأن تندوف فيها من الأماكن التاريخية ما يجعلها تتصدر السياحة وطنيا• وقد دفعني الفضول لمعرفة المزيد، فسألتهما مثل ماذا؟، فأجابا: الكهوف والمغارات الموجودة بمنطقة عوينت بلقرع حوالي 90 كلم والقبور الدائرية الموجودة بمنطقة الصفيات• وودّعتهما على أمل اللقاء بهما تحت ظل أحد تلك المواقع السياحية لاحتساء كأس شاي على الطريقة المحلية التندوفية• وواصلنا الاستكشاف لنصل إلى هضبة أم الطوابع وهي عبارة عن مساحة مكسوة بالصخور السوداء ومليئة بالقواقع البحرية والمستحثات الحجرية، إذ يتخيل للمرء، وهو واقف عندها أنه أمام بقايا بحر متحجر، إضافة إلى ذلك ما تحتويه الأودية من أعشاب طبيعية وغطاء نباتي متنوع يشكّل مكانا للجذب السياحي والأثري بتندوف• ويضاف إلى كل تلك المناظر الطبيعية الخلابة التي تتشكّل منها تضاريس وجغرافية المنطقة والمعروفة ب: لكرب وهي مرتفعات جبلية سوداء والكثبان الرملية المتواجدة أساسا بمناطق لكحال وشنشان والمعروفة لدى السكان الرحل ب''العكلة''• ولكي نعرف حقيقة السياحة بتندوف التقينا السيد معلم دحان، مدير السياحة بالولاية وسألناه عن الاستراتيجية المعدة للنهوض بقطاع السياحة بالمنطقة وإظهار ما هو خفي وغير معروف عن أماكن ومواقع كثيرة تبقى رهينة النسيان• وكانت إجابته تتمحور حول أن تندوف تتوفر على هياكل استقبال منجزة لاسيما في مجال الفندقة، حيث يوجد 3 فنادق بالمدينة يسيرها خواص ورابع في طريق الإنجاز، ونزل استقبال مؤجر من طرف القطاع الخاص، سيدخل حيز الاشتغال قريبا وبجموع تلك الهياكل المتوفرة تصل طاقة الاستيعاب إلى 552 سرير• أما بخصوص المشاريع في طور الإنجاز، وهي المهم في نظرنا لما تكتسيه من دفع لعجلة السياحة، أعلمنا المتحدث باسم قطاع السياحة بالولاية بأن هناك مشروع إنجاز نزل حضري ورابط طريق بقرية حاسي خبي، التي تبعد عن بلدية تندوف ب 400 كلم، وقد تجسد بالقرية دور المستثمرين الخواص من خلال إنجاز محطة توقف للمسافرين المتوجهين إلى مختلف ولايات الوطن على الطريق الوطني رقم .50 وتمثل تلك المحطة التي تتوفر على كل شروط الراحة من مطعم ومخادع هاتفية وقاعات صلاة ومحلات تجارية وغيرها أحد التجارب الناجحة للاستثمار في قطاع السياحة• كما شرعت مديرية السياحة إلى استكمال الإجراءات التقنية والإدارية لإنجاز مشروع رابط بمفترق الطرق بمنطقة مركالة التي تبعد عن مدينة تندوف بحوالي 115 كلم، وهي مركز سياحي مستقبلي هام والوصول إليها يتم على الطريق المعبد• ولعل المهم في لقائنا مع مدير السياحة والانشغال الكبير الذي يسكن أهل المنطقة لاسيما المهتمين بالأماكن السياحية وضرورة تفعيلها هو ما هي الاستراتيجية المتخذة من طرف القطاع للنهوض بمستقبل السياحة بتندوف واستغلال الثروة المادية والطبيعية المتاحة؟ وأشار المتحدث إلى أن الهدف المنشود ضمن تلك الاستراتيجية هو ترقية المقصد السياحي من خلال إعداد الدعائم الإشهارية التي تعرف بالمنطقة، ولعل الجديد لدى المديرية هو مشروع فتح موقع إلكتروني على شبكة الأنترنت، بينما أكد مدير السياحة في ذات الوقت على ضرورة الاستثمار في قطاع السياحة، وقال بأن الأبواب تبقى مفتوحة لكل من يريد الاستثمار في هذا الجانب الحيوي• كما عبّر أيضا عن ضرورة تكثيف الوكالات السياحية مع العلم أنه لا توجد إلا وكالة سياحية وحيدة هي وكالة بلعمش تور• ومن جهة أخرى أكد لنا الكثير من المواطنين عن رغبتهم في زيارة الأماكن السياحية وهو المطلب الذي لا يتطلّب تحقيقه سوى رزنامة مضبوطة ووسائل نقل تمكّن من اطلاع الجمهور المتعطش لمعرفة مكونات السياحة بتندوف وترسيخا لثقافة سياحية تبقى رغبة تنظر التجسيد• وإلى أن يتمكّن الفضوليون من زيارة حقيقية لتلك الأماكن السياحية التي ذكرناها، يكتفي قرّاء ''الفجر'' من تشكيل فكرة بسيطة في الأذهان مفادها أن تندوف تنام على تراث سياحي غير مستغل• ومن بين المؤهلات التي تصنع المشهد السياحي بتندوف نذكر مشروع إنجاز المتحف الولائي بحي المقار والذي سيساهم لا محالة في التعريف بالمخزون التراثي والأثري المادي منه والشفوي يعطي طابعا خاصا لتندوف ويثري الطابع الفولكلوري الذي يساهم بدوره في خلق الفرجة وإبراز مضامين الإيقاعات الشعبية المحلية، علاوة على ما يسكن صحراء تندوف من حيوانات كالروي والضب ولورن والتيس والغزال قديما• إنها ثروة انقرض جلها وحان الوقت لحماية ما تبقى منها•