آخر كلمة: أنا مستقيل دون رجعة كتب منادي بيانا وزّعه على الصحفيين هذا نصه: بعد سقوط الفريق إلى القسم الثاني لم نكن لنترأسه لولا إلحاح الأنصار وتأكدنا من أنه سيصل إلى الهاوية مما جعلنا نتدخل بكل قوة وقد تمكّنا من إعادته لحظيرة الكبار بصعود مميز على كل الأصعدة• وفي موسمنا الأول بالقسم الأول تمكّنا من نيل تأشيرة دولية وجعله كأحد أندية النخبة على المستوى العربي• وفي موسمنا الثاني وصل الفريق للمربع الذهبي لكأس الجمهورية وفي هذا الموسم حققنا نتائج غير مسبوقة جعلت الفريق ينافس مولودية الجزائر ويقف معها الند للند ويصل للمرتبة الأولى التي لم يكن يعرفها منذ تأسيسه موسم 1983/.1984 لكن فيما يبدو فهذه النتائج لم ترض الكثير من الأطراف من عنابة وخارجها وقد كشفنا عديد المؤامرات والسيناريوهات المحبوكة خلال تحضيراتنا للموسم الجاري من خلال غلق كل المنافذ التمويلية للفريق سواء من المؤسسات العامة أو الخاصة، حيث لم نتلق أي سنتيم من أي جهة كانت، فمثلا مجمع آرسيلور ميطال لدينا معه اتفاقية ممضاة بتاريخ 26 ماي 2009 والتي تنص على تمويلنا قبل بداية البطولة• وها نحن في منتصفها وكل محاولاتنا باءت بالفشل وكانت أشبه بالصرخة في الواد• وقد حاولنا إيجاد حلول من خلال اتصالاتنا المتكررة بالسيد الوالي، لكن لم نحصل على أي رد إيجابي رسمي• وعليه، فقد تأكدنا من أن ما حدث ويحدث ما هو إلا محاولات دنيئة الغرض منها تحطيم الفريق، مما جعلنا نقرر الاعتصام في مقر إدارة الفريق وشن إضراب مفتوح عن الطعام منذ تاريخ 15/12/2009 لإنارة الرأي العام مع تواصل تجاهل الأطراف الفاعلة• لذا قررنا من تاريخ اليوم 18/12/2009 الاستقالة رسميا من الاتحاد الرياضي لمدينة عنابة بعد إدراكنا أن ما حدث كان الهدف منه النيل مني شخصيا• ومن أجل المدينة ولاستمرار الفريق سأترك مكاني نظيفا، لأن التاريخ سيشهد على كل ما قدمته على أمل أن تجد السلطات المحلية من هو جدير بإيصال الفريق إلى بر الأمان• من هو منادي•••؟ منادي الذي استقال من الكرة كان قد أقام الدنيا ولم يقعدها فأغلب اللاعبين بالجزائر حتى لا نقول كلهم تمنوا كسب ودّه واللعب لأي فريق يترأسه وهو من فضح طمع الكثير من المدربين الذين كانوا يتسابقون لأجل العمل معه• كل هذا معروف، لكن ''الفجر'' ارتأت اليوم أن تعرّفكم بالوجه الآخر لهذا الرئيس الظاهرة كما يرويها بنفسه• ثمرة الأحياء الشعبية العتيقة من قلب الأحياء الشعبية لمدينة عنابة خرج المدعو عيسى منادي، الذي صنع الحدث في كل مراحل عمره بداية من طفولته مرورا إلى شبابه• ومع نضجه تمكّن من التحول إلى رجل الإجماع وسبع السباع كما كتب عنه في حملته الانتخابية التي أوصلته إلى البرلمان، كما اختير الشخصية الرياضية الجزائرية رقم واحد لسنة 2007 وهذا لا يعود فقط لنجاحه السياسي، بل أيضا لاكتساحه عالم الرياضة بعد أن حقق الصعود 3 مرات متتالية مع ميطال الذرعان ثم اتحاد عنابة• من الدراسة إلى التكوين تمكّن منادي من صنع الضجة وهو في طفولته، حيث كان شقيا كغيره من أبناء الأحياء الشعبية• ورغم ذكائه وقدرته على الاستيعاب، إلا أنه فضّل مغادرة مقاعد الدراسة، حيث تحوّل من مدرسة الفوبور (بوزراد حسين حاليا) إلى مركز التكوين المهني بسيدي سالم عام 1966 حيث حصل على ديبلوم خاص بميكانيك السيارات• سحر الكرة تعلّق منادي منذ صغره بكرة القدم، حيث كان يحضر وهو صغيرا جدا مواجهات اتحاد عنابة التي كان يشجعها بجنون ووصل به الأمر إلى حد التنقل وهو صغير إلى قسنطينة وبالضبط إلى ملعب بن عبد المالك رمضان لمعايشة أول تتويج للكرة العنابية موسم 63/.64 ولم يكتف منادي بالتفرج بل كان يصنع الحدث لكونه كان صخرة الدفاع (ليبيرو) وقد ذاع صيته في الأحياء الشعبية لعنابة وحتى ضواحيها• ممنوع على الفقراء رغم المستوى الكبير واللافت للانتباه للمدافع الشاب عيسى منادي، إلا أنه لم يحظ بفرصة اللعب مع الأندية العنابية الكبيرة لسبب بسيط وهو انحداره من عائلة فقيرة وسكنه في حي شعبي ووقتها كان صراع الطبقات على أشده• وفي هذا الصدد يؤكد منادي بالقول ''لم أولد وفي فمي ملعقة ذهبية، بل كانت حالتنا ككل العائلات التي تسكن الأحياء الشعبية صعبة ومزرية''• منادي ملاكم لمدة 7 سنوات الحماس الكبير الذي كان يتميز به منادي جعله يتحدى الظروف، فبعد استحالة انضمامه للفرق العنابية الكبيرة، كان ينشط مع الأندية الصغيرة• وبالموازاة مع ذلك، فقد كان يمارس أيضا رياضة الفن النبيل، حيث لاكم لمدة 7 سنوات كاملة وكان اختصاصه في الوزن الخفيف ويذكر لحد الآن أسماء بعض الملاكمين أهمهم: طليبة والإخوة بوشايب، قطماية وحتى اليوم لم ينس فضل لبيوض خميس الذي أدخله إلى عالم الفن النبيل• زوجوني وأنا ابن 16 سنة منادي كان وما زال مميزا في كل شيء، فقد كشف لنا أن عائلته زوّجته عنوة وهو ابن 16 سنة و8 أشهر حتى يتسلّم المسؤولية مبكرا ويهدأ قليلا، وقد حدث هذا عام 1971 وقد اضطر للبقاء أكثر من عام ليعقد قرانه وهو حاليا أب وجد أنجب 7 أطفال لكنه فقد ابنته مؤخرا ليعيش حاليا مع أبنائه الستة الذين يعتبرهم أكبر مكسب له في حياته• 1988 بداية المشوار النقابي بعد أن كان قريبا جدا من اتحاد عنابة عند تأسيسه موسم 1983/1984 حيث حقق الفريق صعودا بالمرتبة الثانية بعد أمل عين مليلة واستفاد من الصعود بعد زيادة أندية النخبة إلى 20 فريقا، ابتعد منادي عن عالم الكرة وتفرّغ لعمله بمصنع الحجار، حيث بدأ مشواره النقابي عام 1988 وعايش كل الأحداث في تلك الفترة الحساسة• وقد تمكّن من تحسين ظروف العديد من العمال قبل أن تفلت من يديه الأمور مؤخرا ويرغم على الانسحاب من مصنع الحجار• العودة إلى الكرة بعد الصيت الكبير الذي صنعه منادي، الذي أصبح الرجل الأول في أكبر مصنع بالجزائر، بدأ الكل يتقرب منه وقد كان موسم 2003/2004 موعد عودته لعالم الكرة ومن الباب الواسع• فضل الذرعان على الحمراء في ذلك الموسم، اقترب مسؤولي حمراء عنابة وفي نفس الوقت مسؤولو الذرعان من منادي لطلب المساعدة منه وقد كان أمام خيارين أحلاهما مر• وفي الأخير اختار الذرعان لكونها -حسبه- منطقة محرومة وشبابها يعاني كل ألوان الحرمان• وهكذا كان المنظور المنادي الذي دخل كرئيس شرفي في موسمه الأول والفريق في جحيم الجهوي• وبعد تسلّمه مقاليد الرئاسة، أحدث ثورة حقيقية وصعد بالفريق من الجهوي الأول إلى ما بين الرابطات ثم إلى القسم الثاني• عنابة••• الحلم الذي بدّده الفاكس المشؤوم النجاحات الكاسحة لاتحاد عنابة مع الذرعان جعلته المطلوب رقم واحد في اتحاد عنابة حتى من الرئيس السابق عبد النور ميريبوط، الذي اتفق معه على كل شيء• وفي صبيحة يوم الجمعية الانتخابية كانت كل المعطيات توحي بفوز منادي بالرئاسة، مما جعله يتصل بخيرة اللاعبين آنذاك حيث كان على موعد معهم مساء نفس اليوم لإمضاء العقود• لكن كل شيء تبدّد بعد وصول فاكس من وزارة الشباب والرياضة يأمر بإيقاف الجمعية الانتخابية بحجة إعادة دراسة التقرير المالي لعهدة ميريبوط• ورغم أن البعض طالب منادي بالتمسك بحقه ومواصلة المشوار، إلا أنه فضّل الانسحاب في صمت وواصل عمله مع الذرعان فيما أسندت مهام تسيير الاتحاد العنابي إلى مكتب مؤقت عجز عن مسايرة ريتم القسم الأول فسقط الفريق إلى القسم الأدنى• عودة من أوسع الأبواب بعد سقوط الاتحاد، أصبح الفريق يتيما ولا يوجد من يتكفّل به• وقد كان منادي الخيار الوحيد لإنقاذه رغم تواجده خارج الوطن آنذاك، حيث كان بأوكرانيا إلا أن ملف ترشحه تم إيداعه في غيابه وأرغم على الترشح وظفر بالرئاسة وحقق موسما استثنائيا، حيث صعد بعد احتلاله المركز الأول مع نزاهة لا نظير لها والكل يذكر صراع مولودية سعيدة مع مولودية العلمة الذي فضل منادي أن يبقى بعيدا عنه خاصة وأنه كان عادلا مع الفريقين لكونه هزمهما ذهابا وإيابا• ويتواصل النجاح حتى في السياسة بذكاء كبير عرف منادي كيف يشق طريقه نحو قلوب العنانبة بصفة خاصة، ورغم ذلك فهو يؤكد أنه لم يكن يريد الترشح للوصول إلى البرلمان• لكن عدة أطراف ألحت عليه بضرورة خوض هذا السباق السياسي كمترشح حر، حيث حقق نجاحا أقل ما يقال عنه إنه كان كاسحا• لكنه يؤكد أيضا أنه لم ينصف في تلك الانتخابات وسرقت منه عدة أصوات ومقاعد ورغم ذلك فهو يؤكد وفاءه لمن اختاره لتمثيل الشعب بالبرلمان ومساعدته للجميع في الإطار القانوني ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها• أصدقاء منادي لكونه ظاهرة حقيقية، فمن البديهي أن تكون له صداقات في العالمين السياسي والرياضي، حيث تربطه علاقات متينة مع أبرز البرلمانيين من مختلف التشكيلات السياسية• وتزداد العلاقات في المجال الرياضي، حيث يعتبر رئيس الوفاق السطايفي سرار أقرب رئيس له، كما لم ينس ذكر البرايجي عيدل الذي يتصل به دوما إضافة إلى أسماء أخرى كمدوار، قرقوش وجباري••• وغيرهم• لكن المسيرة الأسطورية لعيسى منادي لم تجلب له الأصدقاء فحسب؛ بل جلبت له أيضا بعض المواقف المعادية• اتهموني بالنشاط مع مافيا المخدرات النجاحات الكاسحة لمنادي جعلت صداه يتعدى حدود مدينة عنابة وبتسلمه لمقاليد اتحاد عنابة دخل المجال الوطني بكل قوة، مما أربك العديد من الرؤوس الكبيرة التي لم تجد سببا مقنعا لاكتساحه الساحة، فراحت تصدر الإشاعات وأهمها أن بعض الأطراف اتهمته بالعمل مع مافيا المخدرات• وعن تأثير ذلك عليه قال منادي ''لا أعبأ بأحد وأنا مؤمن بالمقولة التي تقول القافلة تسير و•••••تعوي''• وعبر عن فرحته بالفوز عليهم لأنهم كما قال ''الآن دخلوا الصف بعد رفضهم لي في البداية، فهم أرادوا احتكار السيطرة ليس على سوق اللاعبين والتتويجات فقط؛ بل أيضا على صنع القرار والسيطرة على الفاف، الرابطة، الحكام وكل الهيئات الكروية الحاكمة، إلى درجة أنهم كانوا يقررون من يصعد ومن ينزل• وصعودي لم يكن سيعجبهم بكل تأكيد، لكني سأظل متمسكا بمواقفي ولن يزعزعني أي أحد''• أكره البروتوكولات وأحب الأحياء الشعبية رغم الشهرة التي يحظى بها الحاج منادي، إلا أنه ما يزال محافظا على تواضعه فهو لا يتردد في المرور بالأحياء الشعبية ومساعدة من أسماهم ب''الزواولة''• ولا يقتصر الأمر على مساعدتهم فقط؛ بل الجلوس معهم ومحاورتهم وفي هذا لذة حسب منادي أحسن بكثير من البروتوكولات ومظاهر الفخفخة التي قال عنها إنه لا يطيقها ''فأنا ابن حي شعبي ولن أنكر ذلك ما حييت بل أفتخر بذلك''• ودارت الأيام••• لكن هذه الظاهرة لم يكتب لها أن تطول أكثر من هذا، فمنادي خارت قواه من الإضراب المفتوح عن الطعام الذي شنّه مؤخرا والذي انتهى، أول أمس، باستقالته التي وإن رفضها الكثير من الأنصار فقد خطط ووصل إليها العديد من الأطراف الذين كان منادي مصدر إزعاج لهم وقد نجحوا في مخططهم في أن يرغموه على مبارحة كرسي رئاسة اتحاد عنابة •••وماذا بعد؟ هل سيستمر اتحاد عنابة كما كان في عهده يجلب النجوم ويزاحم الأوائل أم أنه سيعود لممارسة هوايته المفضلة التي يطلق عليها العنانبة ''لعبة التيليفريك'' أي اللعب على السقوط والصعود دون أدنى هدف محدد•••؟
اتحاد عنابة إلى أين•••؟ استقالة منادي وضعت الاتحاد العنابي في مفترق الطرق، فالمدرب عمراني صرح لنا قائلا ''ما كادت عنابة تبني فريقا حتى جاءت هذه الكوابيس•••'' أما اللاعبون فأول رد فعل لهم هو مقاطعة التدريبات تضامنا مع رئيسهم الذي -حسبهم - لابد أن يعود• لكن عودته هذه المرة تبدو مستبعدة لأنه هكذا أريد له أن يفعل ومدير الديجياس عندما زاره، أول أمس، أخذ معه نسخة من استقالته التي من المؤكد أنها ستسعد بعض الأطراف• لكن ما مصير الفريق ومن يقبل بتولي شؤونه بعد الذي حدث لظاهرة مثل منادي وقبله ميريبوط الذي وجد نفسه وراء القضبان•••؟ هذه الأسئلة وغيرها تبقى مطروحة والمؤكد أن الخاسر الأكبر هي بونة التي حكم عليها القدر بأن تبقى مغبونة•••