الدكتور سعيد سعدي كان فعلا على حق حين قال إنه أخطأ في الشعب! لأنه شاهد بعينه ''صعلكة'' النظام للحياة السياسية•• وهي الصعلكة التي أدت إلى كارثة عشرية الدم! وما حدث للسياسة يحدث الآن للصحافة•• وخاصة المعربة حيث تندفع بسرعة نحو الصعلكة الإعلامية لتنجز كارثة تنسينا كارثة الصعلكة السياسية! هل حقيقة أن قراء العربية بالملايين ويشترون صحيفة ''ناجحة'' فيها أخبار صاحبها أكثر من أخبار الأمة•• ويفتح صاحبها صحيفته بأخباره وأخبار صحيفته خمس مرات في الأسبوع؟! ماذا يجد القارئ في هذه الصحيفة وهي أقرب إلى ''ألبوم'' صور المدير منها إلى الصحيفة؟! هل الشباب الجزائري الذي يشتري هذه الصحيفة أصبح مخبولا إلى هذا الحد؟! أم أنه يمهل ولا يهمل؟! هل حقيقة أن ''مسيرات عفوية'' واعتصامات وخطبا في المساجد قد حدثت لأن صحيفة أخرى جدية لمحت إلى حكاية صعلكة الصحافة؟! أليس هذا منطق ''الفيس'' في الصحافة يبعث من جديد؟! ماذا يقول القارئ الفطن في صحيفة تكتب بالبنط العريض على صدر صفحتها الأولى ''انزلوا مصر آمنين''! فينزل الشباب الجزائري إلى مصر•• ويستقبل بالحجارة بدل أن يستقبل بالورود كما وعدت الصحيفة وهي تدعي أنها هدّأت الشعب المصري؟! ثم وبعد ذلك تنشر على صدر صفحتها الأولى وبالبنط العريض أخبار شباب قتلوا في القاهرة ويحدث ذلك دون أن يشعر أصحابها بالخزي الإعلامي••! وفي الحالتين هي دائما تصيب كبد الحقيقة! هل من حقنا أن نحاسب المصريين على ''الكذب والهف'' الإعلامي ونسكت على نظيره عندنا•• بل وألعن منه؟! هل أصبحنا نعيش مرحلة تكفير الناس إعلاميا بعد أن كانوا يكفرونهم دينيا؟! تذكروا أن تجميد البلد وتحنيطه في الكرة بين 1982 و1986 كان المقدمة الطبيعية لأحداث أكتوبر الأليمة سنة 1988 وما تلاها من مصائب في العشرية الحمراء بعد ذلك! إن صحافة ''البياركي'' والاحتيال والنصب والشانطاج لا يمكن أن تؤسس لإعلام قوي ومحترم وصادق وفعال••• وإذا أصبحت هذه القيم هي القاعدة في صحافة جزائر اليوم فمن حقنا أن نقول ما قاله الدكتور سعدي؛ فقد أخطأنا في القراء!