في الوقت الذي تتجه فيه الصحف الصادرة بالفرنسية إلى المهنية بالغوص في هموم المجتمع سياسيا واقتصاديا، وتتخندق إلى جانب دولة القانون وقيم الحكم الراشد.. في هذا الوقت تتجه الصحافة المعربة إلى الشعوذة الإعلامية، وتغوص في قيم "الهف الإعلامي"، حتى باتت هذه الصحافة المعربة المسكينة صورة لما قاله الدكتور سعيد سعدي ذات يوم عن صعلكة السياسة من طرف الإسلاميين! فالآن الصحافة المعربة صعلكت الصحافة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى! فهل من الصدفة أن الصحافة المعربة التي تفتخر "بانتشارها الواسع"! قد حققت هذا الانتشار باعتماد ثلاثة موضوعات دائمة لنشاطها الإعلامي: النشاط الأول: هو الكتابة عن الصحيفة من طرف الصحيفة نفسها، إلى درجة أن نصف عدد الموضوعات التي تنشرها هذه الصحيفة أو تلك تتحدث عن الفتوحات الإعلامية الوهمية للصحيفة! وهذه النرجسية لاتوجد إلا في الصحافة الجزائرية والمعربة منها بالخصوص! النشاط الثاني: هو نشاط ما أسميته ذات مرة بالنشاط الإعلامي الذي يعتمد على أخبار "نكح وذبح" التي تأتي بها البياركيهات (B.R.Q)! النشاط الثالث: هو تنقل محتوى هذه الجرائد من أخبار أنشطة ما بين "الفخذين" إلى ما بين الرجلين! هذه الصورة "الكلوشاردية" للصحافة المعربة في الجزائر هي التي جعلت هذه الصحف لاتعاني من الإحساس بالضيق الإعلامي المهني كما هو حال الصحافة الصادرة بالفرنسية.. والتي بدأت بالفعل تبحث عن مكان لها ضمن الأدوات المؤثرة في الحياة العامة للبلاد! وثمة مفارقة عجيبة.. ففي حين تتجه الصحافة الصادرة بالفرنسية إلى المهنية بالتموقع ضد سوء تسيير البلاد بطريقة لا قانونية ولا أخلاقية.. تقوم الصحافة المعربة بنشر الفساد الأخلاقي والاهتمام بأخباره! وأكاد أسمع ارتياح السلطة ودوائر الفساد السياسي وغير السياسي والصحافة الصادرة بالفرنسية تقول لصحافة "نكح وذبح" واسعة الانتشار.. مبروك عليك الفتح المبين في مجال أخبار الجنس والذبح والربح!